نحن في شهر رمضان، الشهر الذي يمكننا القول أننا ننقطع فيه عن كل ما يؤلمنا ويشتت تفكيرنا وتركيزنا خلال العام، لنعود -ولو لمسافة صغيرة- إلى الله، والدعاء والصلاة بخشوع وإلخ من الأمور الدينية، بما فيها قضاء الوقت في قراءة القرآن في نهارٍ رمضاني حار.

ومنذ أيام، قام نشطاء أو مبادرون بوضع مصاحف صغيرة في بعض حافلات النقل العام في الإسكندرية، لحث الناس على قراءة القرآن خلال الشهر الكريم ضمن حملة سيمت «مصحف لكل مواطن». بعدها بيومٍ واحد قامت هيئة النقل بمنع وضع المصاحف، و"إحالة المسئولين عنها للتحقيق"، كما صرّح اللواء «خالد عليوة» رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لنقل الركاب قائلًا:

«دول ناس مش فاهمة ومُضللة، والموضوع يخلق مشكلات أكثر من نفعه».

في الحقيقة، لا أدري ما الضرر في المبادرات الإنسانية، أو تلك التي تنشط في مناسبات ولأسباب خاصة مثل الأجواء الرمضانية الروحية! أين الضلال في حث الناس على قراءة القرآن في رمضان! ما الضرر والضلال والمشكلات التي يتحدث عنها رئيس الهيئة، خاصةً أننا نتحدث عن دولةٍ تتغنى دائمًا بأنها بلد الأزهر الشريف، ومنبع المشايخ وقُرّاء القرآن الذين نشأنا على أصواتهم، ثم يأتي تصرف لطيف في لفتةٍ إيمانية مثل "المصاحف الصغيرة" لتؤرق منام رئيس الهيئة!

ربما يكون الأمر أبعد من ذلك، هل اشتكى أحد من هذه المبادرة؟ لا أعتقد.

مصر تحارب الدين مثلًا؟ ربما! كل شيء جائز.. فهي ليست المرة الأولى التي تنزعج فيها المؤسسات العامة والرؤوس الكبيرة من اللفتات الدينية الصغيرة، ولنتذكر حملة "هل صليت على النبي اليوم؟" التي تسببت أيضًا في ملاحقة المسئولين عنها، و"نزع" الأوراق الصغيرة من على الحافلات!

كيف ترى حملة المصاحف، وتصرف المسئولين في الهيئة العامة للنقل العام تجاهها؟

هل الأمر يستدعي تحقيقًا، أو لا سمح الله إدانة بجريمةٍ ما؟