بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم أصدقائي وعائلتي الثانية في حسوب I/O، رغم أنني لا أكتب الكثير من المشاركات والتعليقات، ولكنني متابع لكم بشغف، وأحببت أن أحكي لكم قصتي مع التعليم حتى الآن وأخذ أرآئكم منها.

تبدأ قصتي من كوني تربيت في أسرة تقدس العلم، لأب خريج حقوق، حولته الدولة لاحقا إلى سلك الشرطة، وأم معلمه، ومع قصص كثيرة لأجداد حكموا بالعلم، فأصبحوا قضاة للمناطق يتنقلون بينها لقلة القضاة وكثرة الأمية في بلدي أيام العثمانين وبعدهم الطليان، وبعضهم تولى قضاء البلاد ومدنها، وآخرون تولوا وزارات ووكلاء وزارات، في وقت كان الكثير من الناس يحلمون بتعلم القراءه ليتلوا كتاب الله، فبقيت قصصهم في الأذهان أن العلم ما رفعهم.

وكنت سادس وأصغر أبناء هذه الأسرة، فكنت ولازلت المدلل والصغير في العائلة، ولكن كان كل هذا التدليل يتوقف عندما يصل الأمر للدراسة، فيجب على الجميع بلا إستثناء الوصول إلى كلية مرموقة، فرغم أنني لست كثير الدراسة، ولكن هذه المسؤولية وضعت على عاتقي وأنا المسؤول الوحيد عن نتائجي، وطبعا ومن مهنة أمي فهي تعرف جميع معلماتي معرفة خاصة، فكانت تصلها الأخبار قبل وصولي للمنزل، وأحيانا أجدها قادمة إلى مدرستي بعد إنتهاء حصتها فجأة، لزيارة معلماتي، صحيح أنها كانت متحضرة، فلا أتذكر أنها ضربتني قط، ولكنها كانت تعاقبني بالحرمان من الإمتيازات، لأقل الهفوات.

مرّت الأيام، وانهيت المرحلة الإبتدائية والإعدادية (9سنوات)، وكنت قد أتممتها كلها على لوحات شرف المدرسة مع إختلاف الترتيب، فسنوات أكون الأول وأخرى أكون الخامس وأخرى بينهما، وحان وقت القرار المصيري الأول في حياتي، وهو إختيار التخصص (ففي زمننا حولوا الثانوية من عامة (علمي/أدبي/صناعي) إلى تخصصية (علوم حياة/علوم هندسية/علوم أساسية/لغات/علوم أدبية ...) فكان الوقت الأول للإختيار، والجميع في بلادي يشير إلى الطب البشري، ولدي 4 من أصل 5 من أخوتي بالفعل في كلية الطب البشري أو ثانوية علوم الحياة وقتها، فقررت الإلتحاق بهم بعد ما رأيته من إهمال الثانويات الهندسية.

أنا الآن أدرس علوم الحياة، وهذا التخصص يتميز بأشياء معروفة، منها أن جميع المعلمات متخرجات من كلية العلوم، ولست أبالغ إن قلت أنهن كن غيورات من الطلبة وخاصة المتفوقين منهم، فكن يدققن في أقل تفاصيل الكتب، وكان المنهج جديدا، فلا أحد يستطيع مساعدتك، أكملت السنة الأولى بإجتهاد أقل من قبل وحصلت على الإمتياز (A) ولكن من دون ترتيب ليوضع في لوحة الشرف، في ذلك اليوم أنا نفسي إعتراني حزن كبير، ورجعت للبيت أبرر كوني لم أحصل على ترتيب، حتى السنة الثانية والتي إنخرطت فيها بالنشاطات المسرحية وأعمال حاسوبية مع المدرسة لإنجاح إحتفال نهاية العام، والذي سيحضره شخصيات مرموقة كونه أول إحتفال تقوم به المدرسة، وتدنت درجاتي لأحصل على تقدير جيد جدا (B+) فقط، لم أكن مهتما كثيرا ولكن عزمت على الدراسة بشكل أكبر.

وصلت السنة الأخيرة وفيها تتم المفاضلة بين التخصصات حسب النسبة (طب بشري/طب أسنان/صيدلة/تمريض) والتخصصات مرتبة حسب نسبة كل منها، درست بجد قبل الإمتحانات وحصلت على النسبة المؤهلة إلى الطب البشري.

مرت السنة الأولى (الإعداد) ثم سنة أخرى قمت فيها بالتخاصم مع الدكتور خلال السنة فأعطاني مقبول (60% وهي أقل نسبة قبل الرسوب) وكانت عائلتي تقف في صفي، رغم تخلف زملائي عني وطعنهم في ظهري، ولكني أهتممت فقط بعائلتي، وقطعت علاقتي بهؤلاء الزملاء.

أخيرا في السنة الحالية، كنت لا أحضر لكي لا ألتقي بمن خانوني، لقد كرهتهم، خاصة بعد فقداني لأعصابي وتحضري السنة السابقة وضربي لأحدهم، ورغم أن الباقين أصبحوا يتملقونني بعد رؤية ما فعلته بصديقهم، ولكنني ببساطة كرهتهم .. كرهتهم كلهم

بدأت الدراسة قبل أيام فقط من الإمتحانات النهائية، وفي أحد المواد الدراسية كانت المادة حوالي 600 صفحة على 7 من الفصول ودراسات عملية، حاولت جمع الفصول كلهم وتبقى فصل واحد، دخلت الإمتحان فوجدت معظم الأسئلة منه، وأجبت على كل الإمتحان العملي بدرجة كاملة، أما الإمتحان الشفهي فقد كان مزاج الممتحن عكراً قليلا على ما يبدو، ظهرت النتيجة يوم الثلاثاء الماضي، حصلت على 57% من المادة بتقدير ضعيف (F) (درجة النجاح 60%)، وسأدخل الدور الثاني (والذي إن لم أوفق فيه سأعيد السنة في هذه المادة فقط) ولكنني أصبحت باردا لعدة تساؤلات تدور في رأسي:

هل فعلا هذا هو الطريق الصحيح (الدراسة الجامعية)؟

و ما هي نهايته؟ سأصبح طبيبا، سأكمل عملي في الهلال الأحمر لسنة أو اثنتين، سأحضر لإمتحانات معادلة أمريكية أو كندية أو بريطانية، ثم أهاجر بسهولة لشدة الطلب، هل هذا حقا ما أريده ؟؟!

وهل هذا الفشل سئ (علما بأن نتيجة الدور الثاني ستغطي تماما على هذا الفشل) ؟

وهل هو درس لي لأعود وأجتهد ؟ أم ناقوس خطر يريني أنه لا فائدة مما أفعل ؟

آسف على الإطالة ولكنني لأول مرة أقوم بالكتابة عما يجول بخاطري على الإنترنت، لأنني فعلا أحس أن المكان ملكي، والكل هنا أناس متزنين أحب سماع أرآئهم و إجابتهم عن تساؤلاتي