كنت أُعطي نصيحة لزميل لي في شرح بعض الموضوعات الطبيّة، وأخبرته عن فكرة هي الفارق عندي بين الشارح المُجيد والشارح المتوسط. وقد تعلّمت هذا ممّا لحظته بعيني من مواد دراسية مفيدة، أو من خلال خبرتي في شرح المواد الطبيّة لأصدقائي، والتي تقارب على مئة ساعة فيديوية وصوتية أو تزيد.

وهي نصيحة لا ينحصر نطاقها في التعليم والتدريس، بل تتعدّى إلى الكتابة والتسويق أو أي مجال يتتطلّب نقل فكرة معينة إلى جماعة من الناس.

تسمع أحيانًا لشارح، وتكون معلوماته قيّمة، ولا يمرّ على سطر إلّا وينبّهك به، لكنّك تخرج من عنده ولا تتذكر كثيرًا على المادة، وتشعر كما لو أنّ المعلومات لم تُبنَ على أساس راسخ.

الفكرة تكون بأن تُشرك المُتلقّي معك في الشرح، ولا تتحمّل العبئ وحدك، وهذا يكون بأن تشرح له الأساسيات والخطوات الرئيسية.

تخيّل أن تكون طالبًا تتلقّى محاضرة من مدرّس، ويذكر المدرس اسم المرض في ثانيتين، ثم يتحدّث عن الأعراض السريرية تنسى خلالها ما كان اسم المرض أصلًا!

لو استثمرت عدّة دقائق في شرح اسم المرض، وسبب التسمية، وتقرّبه إلى الأذهان بشيء نعيشه في واقعنا، والتزمت باعادة الأساسيات في كل موقف مناسب، فأنت بذلك حفّزت الطالب على أن يسترجع بعض المعلومات ممّا يعرفه، ففي معظم الطلّاب نباهة، وقد يتذكّرون معلومات ما كانت على بالك أصلًا، وما يتذكرونه يُعينهم بفهم بقية الدرس المشروح.

بعبارة أخرى، ستشرح لهم أبسط الأساسيات، بشكل يُحفّز دماغهم على استدعاء الأفكار، وحينها سيتعلّمون من شرحك أكثر مما تَنويه أصلا.

ولا ينتهي الأمر عند هذا، فدوّامة الأفكار التي بعثتها في عقل المتلقّي بالتزامك بالاساسيات، ستُنسب لك، وتكون نتيجة لفضل نقلك الأفكار ببساطة، وفي الأمر شيء من الإطراء للمتلقّي، وأنِّي أحبُّ الشارح الذي يجعلني أبدو ذكيًا، وأعود للدراسة عنده في كلّ مرة!