لا نحظى بهذه الحياة بنفس الفرص, وقد نرغب في تعلم ودراسة أمور لم تسنح لنا الظروف لها, إما من باب الشغف والتوسع المعرفي أو لتحقيق أهداف اقتصادية أو لمآرب أخرى...ولكن السؤال الذي قد يحيرنا عندما نرغب في التعلم الذاتي هو كيف أبدأ؟ فكثيرة هي تلك البدايات الخاطئة التي تؤدي بصاحبها لمعارف مشوهة, قاصرة وأحيانا خاطئة.

  • مصادر التعلم الذاتي:

عديدة ومتنوعة, ومتوفرة بشكل مجاني أحيانا, كتب ومقالات ومساقات مفتوحة MOOC إلا أن العديد منها غير ذي مصداقية, لذا كان من الأهمية بمكان أن يتم التأكد من المصادر.

-الكتاب: هل هو صادر عن دار نشر؟ أم مجرد كتاب نشره صاحبه على الانترنت؟ وبالتالي لا يمكننا التأكد من شهادته الأكاديمية وحقيقة إلمامه بالمجال, قد تكون معلوماته كلها خاطئة, عكس كتب دار النشر التي تتأكد من صفة الكاتب والنبذة الشخصية عنه.

ليس تقليلا من الكتب التي ينشرها أصحابها عبر الانترنت, فبعضها عبارة عن كنز معلومات... ولكنها قد تكون جيدة كخطوة ثانية بعد اكتساب المعرفة الأولية بالمجال, وبالتالي القدرة على التمييز بين الغث والسمين.

-المقالات: هل هي صادرة عن موقع أكاديمي موثوق؟ كلنا ننشر المقالات ولكن هل كلنا متخصصون ونعرف عما نتحدث؟ كثيرا ما نهرف بما لا نعرف أليس كذلك؟ وبالتالي وجب التأكد من مصدر المقال, يمكنني أن أنشر لك مقالا باسمي الثلاثي الكامل وصورتي وأنا أبتسم بكامل أناقتي وتحتها البروفيسور جواد, في حين لا الاسم حقيقي ولا الصورة صورتي ولا الصفة أيضا, أو أنني مجرد مهووس شهرة أنتحل الصفات اليوم طبيب غدا محامي...

يجب إذن التأكد من مصداقية الموقع الذي نُشر به المقال وليس البحث عن اسم كاتب المقال, لأنه يمكن أن يكون منتحلا من طرف شخص آخر, المواقع الأكاديمية عديدة, كمواقع المؤسسات الجامعية والمجلات العلمية والشركات المهتمة بمجال التعليم....

-مساقات مفتوحة: المساقات المفتوحة هي مصدر جد رائع للتعلم, سواء المجانية منها أو المدفوعة, فهي تكون مصصمة بشكل منهجي يحاكي أسلوب التدريس الأكاديمي إلا أنه يتميز عنه بالتركيز المكثف على المهارة المرغوب تعلمها...مواقع التعلم عديدة وأغلبها بمصداقية لشهرتها, إلا أنه وجب التأكد من موثوقية المواقع الجديدة أو المغمورة التي تقدم هذه الخدمات.

-مصادر أخرى: قد توجد مصادر أخرى أقل مصداقية كفيديوهات اليوتيوب والكتب التي ينشرها أصحابها والمقالات المنشورة هنا وهناك...ونحوه وإن كانت أيضا مصادر جيدة ولكنني أراها تأتي بالمقام الثاني لصعوبة التحقق من مصداقية العديد منها.

  • كيف أبدأ؟

والآن السؤال الأهم كيف أبدأ؟

أريد تعلم البرمجة.

أريد تعلم علم النفس.

أريد تعلم الخياطة.

.....

ماذا أفعل؟

أحيانا يطرح البعض مثل هذا السؤال فلا يلقى ردا من طرف المختصين ليس تجاهلا أو كبرا ولكن لأن المتعمقين للمجالات يرون السؤال قاصرا ولا يعتقدون أن بإمكانهم مساعدتك, قد يرد عليك البعض بجواب: ماذا تريد أن تتعلم من البرمجة؟ حدد بالضبط... علم النفس بحر شاسع ماذا تريد أن تدرس؟ علم نفس تربوي؟ علم نفس سريري؟ شيء آخر؟

حينها نكتشف أننا لا نعرف بأننا لا نعرف, وأن الجهل بالمجال الذي نرغب في تعلمه جد معقد.

  • مدخل لعلم (....):

إن كان ما ترغب في دراسته علم يُدرس أكاديميا فإن عليك البحث عن الكتب والمساقات التي عنوانها "مدخل إلى..." فهو الذي سيقدم لك معلومات شاملة حول المجال, إذ المدخل هو البوابة الرئيسية لأي علم, وبالتالي يمكنك انطلاقا من هذا المدخل التخصص في دراسة ما يستهويك.

  • تعلم (...) للمبتدئين:

أحيانا يكون ما نرغب في تعلمه مهارة أو حرفة, لا نجد له أي كتب أو مصادر عبارة عن مدخل, كالحرف اليدوية مثلا, لذا نستبدل عبارة "مدخل" "بالمبتدئين".

  • 101:

إن كنت تجيد اللغة الانجليزية فيمكنك البحث عن أي موضوع عن طريق كتابة رمز 101 وهو النظام الترتيبي للمستويات الأكاديمية بالولايات الأمريكية المتحدة, ف101 تعني السنة الأولى, و201 السنة الثانية و301 السنة الثالثة وكل سنة بها عدة مستويات, مثلا السنة الأولى المستوى الأول من الدرس 101 المستوى الثاني من الدرس 102 وهكذا...

إذن يمكنك إن كنت تجيد اللغة الانجليزية التدرج بدراسة أي موضوع ترغب فيه بشكل أكثر سلاسة, وهذا لا يلغي شرط المصداقية والموثوقية فالمواقع الأجنبية بدورها تعج بالترهات.

والآن عزيزي القارئ هل لك تجربة مع التعلم الذاتي؟ هل لك رغبة في ذلك مستقبلا؟ وماهي المصادر أو المنهجية التي تقترحها؟