أنا شخصيةٌ عصبية جدًا ، وتزدادُ عصبيتي خاصة إذا كان الشخص الذي أتعامل معهُ متمسكاً برأيهِ الخاطئ ولا يقتنع بأخطائهِ... فأذكرُ ذات مرة بأن لي زميلة تجادلتْ معي حولَ موضوعٍ ما ..وكبرُ الجدال وحصل ما حصل ,ومن بعد هذه الحادثة قررتُ ألا أتجادل مع أي شخصٍ لا يقتنع بأي رأي , ويتمسكُ بوجهة نظره كأنهُ إن تراجع عن رأيه سيموت .. حتى وإن كان على خطأ, وأيضا إن علم إنه خاطئ . فكثيراً ما نُبتلى بالحمقى والمغفلين ، لذا الصمت أمام الجاهل والأحمق أفضل من جدالهِ.... صدق قول مؤسِّس علم الهندسة «فيثاغورث»: «لا تُجادل الأحمق فقد يخطىء الناسُ في التفريقِ بينكما » .

بالطبع ، أنا هنا لا أتحدث عن الجدال البنّاء الذي يتم فيه مناقشة أفكار مختلفة ويقنع فيه أحد الأطراف عن باقي الأطراف الأخرى برأيه بحجج منطقية مبرره ,إنما أتحدثُ عن الجدالِ من أجل الجدال والذي يعتمد على المغالطات المنطقية ولا يهم صاحبه أن يفهم جيدا أو يستمع للآراء المختلفة . وهنا يكون التراجع في الجدالِ أفضلُ من الاستمرارِ فيه ؛ لأن الاستمرار ببساطة لن يجلب شيئا مفيدا إلا النزاعات وربما تصل إلى أمور أخرى غير محمود عقباه .

هل للجدال العقيم سلبيات ؟ أجل فهي كثيرة ، أولها :أنها تجعلنا نفقدُ التواصل مع الآخرين وتتحول إلى جهاز راديو لا يستمع إلى تعليقات مستمعيه ولا يهتم إلا لما يقوله هو، ثانيًا :التمسكُ بالرأي يحرمنا من فرص وخبرات معرفية كثيرة كانت من الممكن أن نستخدمها بأشكالٍ متعددة وتستثمرها في أمور أخرى، ثالثا واخيرا : كسب الثقة وود الناس ليس بالأمرِ البسيط وإنما يحتاجُ إلى مجهودٍ , ولكن بجدالك العقيم سنفقد الكثير من العلاقات ولن نجد من يريد أن يشاركنا أفكارنا وهنا ليس أمامنا سوى أن نأخذ طريق التراجع عن الجدال والالتزام فقط بالإنصات.

لذا دعونا أن نتجنب كل جدال أحمق ، لا يأتي بفائدة تعود علينا ، سوى الكره والحقد .كما أن دلائِل الغباءِ ثلاثة أشياءٍ: هي العناد والغرور والتشبُّث بالرأي .

وأخيرا ، يجبُ علينا تذكر قول الامام الشافعي : اذا خاطبك السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت فإن كلمتهً فرجت عنـه ..... وإن خليته كمداً يمـوت .