في ذاتَ يومٍ ، قرأتُ قصة حولَ هواةِ الانتقاد ، حيثُ القصة تدورُ حولَ رسَّامٍ هاوٍ مبتدىء ، كان يجتهدُ لإخراج صورة فاتنة وجذابة مِن إبداعهِ ، وكان يحرصُ على أن تكون الصورة خالية من العيبِ والخللِ وذلك للدخول بها في مسابقة عالمية ، وقامَ مدربُ الرسام بتقديم نصيحة له ، وهي أن يعلق اللوحةَ في أحد الميادين العامة وكتب إلى جوار لوحته الفنية: "فضلًا.. من رأى منكم خللًا ولو يسيرًا في هذه اللوحة، فليضع إشارةً بالقلمِ على موضع الخلل!" حيثُ كان يقصدُ من ذلك أن يقومَ بإصلاح الخلل بنفسهِ لاحقًا ، وهذا بِناءً على دلالتِهم ، وعِندما عادَ في نهايةِ اليوم.. وجد اللوحةَ قد طُمِستْ من كثرةِ الإشارات التي وُضِعت على مواطنِ الخلل التي رآها هواةُ الانتقاد، فاستاء الرسامُ كثيرًا من ذلكِ الانتقاد الذي أشعرهُ بالإحباطِ ،وعادَ الرسامُ الى مدربهِ وحدَّثهُ حولَ ما جرى للصورة ، لكن مدرب الرسامِ طلبَ منهُ أن يُعيد رسم اللوحةِ مرةً أخرى، ويقومُ بعرضها ثانيةً على الناسِ، ولكن في هذه المرة يطلبُ منهم أن من يرى عيبًا في اللوحة ، أن يقوم بإصلاحه بنفسهِ، بدلًا من الإشارة إلى مواطنِ الخلل فقط، و أن يضع ألوانًا وفرشاةً إلى جوار اللوحة؛ حتى يقوم المنتقدُ بإصلاحِ الخلل بنفسهِ، فعملَ الرسامُ بنصيحةِ أستاذه، وأعادَ رسمَ اللوحةِ وتعليقها في الميدان مرة أخرى، ووضع إلى جوارها فرشاةً وألوانًا ، وعندما عادَ في المساءِ إلى الميدان ..حيثُ لوحته الفنية، لم يجدْ أحدًا قد قامَ بإصلاح أي جزئية فيها، أو حتى محاولة الاقتراب منها ...

للأسفِ أن هناك كثيرون من الناسِ يلبسون عباءةَ الانتقادِ والنصحِ ، لذا أصدقائي ، أقدم لكم بعض النصائح الثمينة للتعاملِ مع الانتقادات التي يمكن أن تواجهنا خلال حياتنا اليومية :

1- أن نكون هادئين قبل الردّ ؛ وذلك من خلال تأجيل الرد حتى تتجمعُ شتاتُ أفكارنا. حيثُ التفكير الجيد قبل التعامل مع الموقف سيمنعنا من التصرفِ بطريقةٍ دفاعية، أو التفوه بأي شيء قد نندم عليه لاحقاً...

2- التمييزُ بين الانتقادِ البنّاء والانتقاد الهّدام ؛ حيثُ الانتقادات البنّاءة تأتي دائماً من مكان ومصدر إيجابي، وتهدفُ بشكلٍ أساس لمساعدتنا على تحسين وتطوير أنفسنا. أما الانتقادات الهدامة فهي المعنية بتدميرنا وإصابتنا بالإحباط.

3- الاعترافُ بأننا قد نكونُ مخطئين ؛وهو أن نسمح لأنفسنا بالاعترافِ بأن الشخص الذي قام بتوجيه الانتقاد لنا لديه وجهة نظر، بغض النظر عن لهجته القاسية أو كلماته الجارحة.

4- أن نتفهمَ أنه لن يكون في مقدورنا إرضاء الجميع.

5- الردُ بطريقةٍ ذكية ولبقة ؛ حيثُ يجبُ علينا أن ندركَ أن الانتقادات الهدّامة لا تستوجب الرد أبداً. أما الانتقادات البنّاءة فإنه ينبغي عليكِ التعامل معها باحترام بمجرد أن نكون مستعدين للقيامِ بذلك.

وأخيرا علينا أن نُدرك أن لدينا القدرة على تحويل هذه الانتقادات إلى فرص للتعلم ، كما تذكروا هذه العبارة ؛الكارهون لك لا يكرهونك هم يكرهون أنفسهم ، لأنك انعكاس لما يتمنون أن يكونوا ..!