اعلم أن هناك حملة شرسة جدًا على رجالنا، عادلة أيضًا في بعض أهدافها وبعض مطالبها... لكن في الحقيقة رجالنا وشبابنا أيضًا يتعرضون للإساءة، بعضهن يتربون على بعض المفاهيم التي تجعل منهم صخورًا في مواجهة المشاعر الإنسانية خاصتهم، لا حتى مشاعر الآخرين... نحن دائمًا نطالب الرجال ببعض الرومانسية والشاعرية أكثر، بعض المودة والحنان لكننا ننسى أننا لم نشبع هذه الغريزة أصلًا

ماذا تتوقع من طفل تمنعه من البكاء لإنه بالمصادفة ولد ذكرًا؟! قائلاً لا يصح للرجل أن يبكي، ماذا تتوقع من طفل تقوم بتربيته على بعض التواكل على حوله من النسوة، لا يقوم بخدمة نفسه ويعتقد أن مجرد كونه ذكرًا هو تتويج له؟! ، وماذا تنتظر من مراهق لم يرافقه ويصادقه أباه قط؟!

ثم إذا أتى شبابه تطالبه بتضييع سنين من عمره فقط لكي يحصل على أدنى حق له في الحياة وهو الزواج في مطالب فارغة ومظاهر لم ينزل الله بها من سلطان، ثم هو رجل مطالب بالسعي كما الطور في الساقية ليحصل متطلبات الزوجة المبالغ فيها في بعض الأحيان فقط لتشبه بنت عمتها وخالتها، ثم مطالب بالسعي أكثر حتى يقوم بتأمين مستقبل الأطفال... - ولا اعلم حقًا من زرع تلك الفكرة الخبيثة في نفوس الناس؟! ، من قال أنه يمكنك تأمين أي شئ لأي فرد كان في الحياة؟! من أوهم البشر أنهم يتحكمون في حيواتهم بذلك المقدار؟! نحن لا نملك لأنفسنا بالكامل شيئا أبدًا ، لا في الماضي ولا في الحاضر ولا حتى مستقبلًا، نملك شيئًا طفيفًا جدًا لا يغني ولا يثمن من جوع-، ثم يكتشف الرجل الذي كان ساعيًا بشدة على مستقبل أطفاله، أنه مر الوقت وأصبح كهلًا ولم يستمتع برفقتهم، لا اطفاله ولا زوجه... لم يمارس ولم يستمتع بكونه أبًا، ولم يمارس السكن والمودة والاستكانة مع زوجه... ولم يحصل أي فرد من الأسرة على المقدار الأيسر من المشاعر ليكون سعيدًا...

الرجال أيضًا يتعرضون للإساءة حين نحصر قوامتهم في نفقاتهم المادية، حينما نطالبهن فقط بالسعي والسعي والسعي للتحصيل دونما أدنى احترام لكونه يحتاج وقتًا مستقطعًا يمارس فيه انسانياته واحتياجاته الفطرية أو ربما أخذها على مضض، يتعرضون للإساءة حينما لا نستمتع بنساء برفقتهم كفاية، يتعرضون للإساءة حينما نقوم بإضعاف الجانب العاطفي في شخصايتهم بداية من طفولتهم لمماتهم...