يُطلق مصطلح الاستثمارات الغارقة أو التكلفة الغارقة في الاقتصاد على المشروعات التي يتم ضخ واستثمار أموال هائلة فيها، ثم يكتشف صاحب رأس المال بأن الاستثمار فاشل، ولكن يستمر فيه لعدم خسارة التكاليف التي دُفعت بالفعل، التصرف السليم من وجهة نظر خبراء الاقتصاد في مثل هذه الحالة هو إنهاء المشروع لأن الاستمرار هنا يعني المزيد من الخسائر. لكن ثبت أنه كلما زادت التكلفة الغارقة، زاد إصرار صاحب المشروع على التمسك به لأن التوقف يعني الفشل القريب، ونحن البشر نكره الفشل بكل أشكاله.

الاستثمارات الغارقة لا تقتصر على الاقتصاد فقط، الاستمرار في قراءة كتاب فارغ لأني دفعت فيه مبلغا من المال هو استثمارات غارقة، لأن الاستمرار لن يعيد ثمن الكتاب بل يعني خسارة المزيد من الوقت. الاستمرار في علاقة مؤذية لعدة سنوات لأننا استثمرنا فيها جهدا ووقتا ومالًا هو استثمارات غارقة، لأن الاستمرار سيكلف المزيد من الخسائر المادية والمعنوية التي قد تظهر في تشتت طفلين بدلا من واحد أو ثلاثة بدلا من اثنين أو أن ينهار الطرف الآخر نفسيا أو جسمانيا.

ملابسك التي لا ترتديها، هل تتخلص منها أم تظل محتفظا بها لسنوات رغم عدم رضاك عن ذوقها وتأكدك بعدم ارتداءها؟ اشتركت بدورة تدريبية ثم اكتشفت أنها لا تناسب اهتماماتك، هل تستمر كي لا تخسر مالك أم تتوقف كي لا تخسر المزيد من الجهد والوقت الذي يمكن بذله في مجالك؟ دخلت في علاقة خطبة مثلًا، ثم اكتشفت عيوبا خفية في الشخص الذي أمامك، هل تستمر؟

شخصيا أحتفظ بملابس لن أرتديها لعشرات السنين، يصعب علي التخلي عنها، أما الخطبة أرى أن التخلي عن البشر السيئة أسهل كثيرا من التخلي عن الملابس التي انتهت موضتها. الدورة التدريبية أنهيتها بالفعل ولا أذكر منها شيئًا.