هل اللغة الصينية هي لغة العالم ؟!

تحليلك منطقي، يقول إبن خلدون "المغلوب مولع أبدا بتقليد الغالب" و هي مقولة تلخص الكلام و الغلبة لا شك تكون سياسيا و عسكريا و إقتصاديا و تكنولوجيا، و فرض لغة معينة يكون دائما للمهيمن و هذا ما يفسر عدم كون اللغة الصينية هي لغة العصر...

لكن يبقى الصينيون قدوة في إستعمال لغتهم و تمسكهم بتقاليدهم عكس العرب...

أشكرك على تحليلك، وأنا أيضا لا أظن أن اللغة الصينية لها مستقبل كبير، وبكبير أعني كما فعلت العربية قبلا ومافعلته الإنجليزية في القرنين الأخيرين ومازال مستمراً، ولكن هذا لايمنع من أن اللغة الصينية تنمو في العالم وستنمو أكثر، الآن لنأتي للأسباب في رأيي والتي تجعل أمر أن تصبح اللغة الصينية مسيطرة صعباً للغاية.

أولاً: الأمة الصينية كبيرة، ولكن لطالما كانت منغلقة:

في كل الحقب التاريخية السابقة، كانت الأمة الصينية منغلقة على الأجانب، على عكس الأمة الإسلامية في القرون الوسطى، والأمم الأنجلوساكسونية، حيث أن الأمة الإسلامية في القرون الوسطى لم يكن عليك لأن تصير مواطناً إلا إعتناق الإسلام، والأمم الأنجلوساكسونية تبنّت في آخر مئتي عام قوانين تحفز على هجرة العمالة الماهرة والعقول إليها وأن يصبحو مواطنين، بينما الأمة الصينية وحتى اليوم لا تسمع للأجانب بأن يصبحو مواطنيين طبيعيين، لك أن تتخيّل أنني أشاهد يوتيوبر أمريكي يقطن الصين وقال في معرض حديثه أنه إن كنت أجنبيًا وتود الإقامة (أي لست مجرد سائح) في الصين بدون شخص أو مؤسسة صينية ترعاك أمام الحكومة (كجامعة أو رب عمل أو ما شابه) فيجب عليك كل فترة قصيرة (يوم أو أسبوع لا أذكر) الذهاب إلى مركز الشرطة وإبلاغهم بوجودك!!

ثانياً: النظام العالمي الحالي لا يسمح بذلك:

لنكن واقعيين وصادقين مع أنفسنا، جزء كبير من السمعة التي نالتها العربية في القرون الوسطى هي نتيجة لأنها لغة الإسلام، والذي جرى نشره في كثير من الأحيان عن طريق الفتوحات العسكرية ودخول البلاد الجديدة، وأيضاً الإمبراطورية البريطانية ساهمت بفتوحاتها العسكرية للبلدان الأخرى بنشر اللغة الإنجليزية بجعلها إلزامية على البلاد الجديدة، ولكن اليوم ونحن نعيش في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية والأمم المتحدة، فمن الصعب جداً إنتهاج نهج الفتوحات العسكرية والإحتلال، ولن ترضى عنه القوى العالمية الجديدة، أما الهيمنة الإقتصادية، ففقط يمكنني أن أعطيك مثالاً حقيقياً أبلغ من أي كلام، وهو أن لدي صديقًا كان يعمل في الفرع المحلي لشركة هواوي فذكر لي أنهم يتفاهمون حتى مع رؤوساءهم باللغة الإنجليزية!

ثالثاً: اللغة الصينية صعبة:

اللغة الصينية صعبة على المتحدث الجديد، حيث يصنفها معهد الخارجية الأمريكية بأنها في الصنف الأصعب من اللغات بجانب العربية والمجرية إن لم تخنني الذاكرة، إن سبب نجاح اللغة الإنجليزية في عالم اليوم أنها تتحرك لتصبح أسهل، لك أن تتخيل أن قواعد مثل Future Perfect و Past Perfect مع أنها قواعد سهلة الفهم على شخص قادم من لغة بليغة كالعربية، ولكنها أصبحت تمثل أقل من 1% من المكتوب والمقروء باللغة الإنجليزية، لصالح قواعد أسهل، بينما ما زلنا نتذكر صعوبة اللغة الصينية حتى في كتابة حروفها (أو كما يسميها اليابانيون كانجي)، وأيضا فكرة الأصوات حيث نطقك لنفس الكلمة بالطبقة العالية يجعل معناها مختلف عن نطقك لها بالطبقة المنخفضة، وهذه الأشياء لا يريد الصينييون التخلي عنها ولو جزئيا "لك أن تتخيل أن اليابان نفسها تقلل عدد الكانجي "الحروف الصينية داخل اللغة الألمانية" التي يجب عليك حفظها في تعلم اللغة اليابانية، بينما في الصين هي الكتابة الرئيسية لكل شئ تقريباً).

رابعًا: لا يوجد شئ أصلا إسمه لغة صينية واحدة!

ماهذا !!، توقف صديقي علاء إنك أصبحت تهذي، لا عزيزي إنها حقيقة، على عكس اللغة العربية والإنجليزية، لا يوجد شئ موحّد إسمه اللغة الصينية، وحتى اللغة التي تسميها أنت بالصينية يسميها سكان الصين بالماندرين، وهي أحد لغات الصين، ونقول بأريحية هنا أنها لغات وليس لهجات لأن الأمر ينبعُ من ما يسمى في علم اللسانيات بالفهم المتبادل أو mutual intelligibility، ولكي أوضح لك الأمر، فالفهم المتبادل بين شخص يتحدث العربية السعودية النجدية، وآخر يتحدث الحجازية قد يصل إلى 99% من حديثهما، ولكن قد يقل إلى ما فوق ال90% إن كان أحدهما يتحدث مع شخص يتحدث العربية الكويتية أو الشامية أو النجدية، ولكن إن جلبت متحدث للصينية الكانوتنية و متحدث للصينية الماندرين، وطلبت منهما الحديث مع بعضهما، فلن يفهما بعضهما بشكل كبير (ولكن يستطيعان فهم بعضهما إن قاما بالكتابة لبعض).

في اعتقادي لن تسعى الصين إلى فرض لغتها على العالم سياسيا كان أو حربيا

ولكن توجد طرق أخرى لفرض اللغة، وبكفي أن تفرض أن يكون التعامل الرسمي بلغتها

وكما ذكرت فإن العالم أجمع يرى حاليا أن الصين سوف تكون القوة الإقتصادية القادمة

ولذلك الأمر سيكون مختلفا

وسواء كان الصينيون مقلدون أم مبتكرون فيكفي في النهاية أنهم منتجون وليسوا مستهلكون مثلنا

تحياتي

في الحقيقة لا أري أي مستقبل لهذه اللغة مع أنه يتكلمها خمس العالم (وهم فقط الصينون)

وذلك للأسباب التي ذكرتها في أنهم غير منفتحين على العالم، كذلك هم ليسوا مبتكرين، أي لا توجد تقنيات أصلها صيني أو اختراعات إنما هم يعيدون ما أنتجه وما اخترعه الغرب، كذلك ليست لديهم أوراق علمية تُذكر مقارنة باﻷوراق العلمية والكُتب الموجودة في الغرب مثلاً.

هذا باﻹضافة إلى أن لغتهم صعبة كما ذكرت وهي غير عملية لاستخدامنا اليومي خصوصاً في المحارف مثل مشكلة الكتابة على الحاسوب، فحسبما سمعت لديهم أكثر من 50 ألف حرف، لكن حوالي ثلاثة آلاف فقط تكفي للاستخدام. ولقد رأيت الصينيين يكتبون بصعوبة في لوحة المفاتيح حيث لا توجد لوحة مفاتيح صينية، إنما توجد برامج للمساعدة على تكوين الكلمات مثل الـ auto-completion تظهر عندما تبدأ في الكتابة لتقوم بالاختيار.

اعتقد أنهم إما أن يجدوا بديل لمحارفهم هذه أو يستسلموا لللغة اﻹنجليزية، لكن لا سبيل لانتشار لغة بهذه الصعوبة.

أخالفك الرأي، الإنسان مؤخراً بات يصنع قرارات أكثر منطقيّة غير مبنيّة على التقليد أو الخُضوع للأقوى، الإنكليزيّة هي اللغة الأكثر انتشاراً، هي للتو تملك سنين من الإرث في النُظم التعليمية و أكثر سهولةً من اللغات المُنافسة.

علاوةً على ذلك هي من اللُغات الأكثر انفتاحاً على التطوير و إدخال كلمات و مصطلحات جديدة، كلّ ما يجعل اللغة أسهل يصبح من اللغة لاحقاً.

في المقابل، الصينيّون لا يبدون بذلك الانفتاح، من الصعب رؤية لغتهم تملك الكم نفسه من الموسيقا أو السنيما أو الكتب المُترجمة، لا شك هم أمّة قويّة جداً لكن من الصعب رؤية لغة تنافس الإنكليزية في المنظور القريب.