كنت مع صديقتي في السيارة وجاءت أغنيتنا المفضلة.. فعلي الصوت واندمجنا في الغناء معاً.. ثم توقفنا عند إشارة المرور بجانب ميكروباص من ناحية وأتوبيس نقل عام من الناحية الأخرى .. فأغلقت صديقتي الراديو وثبتت ملامح وجهها وأنطفئ التكييف وفتحت الزجاج!! لم أفهم لماذا ضيعت علينا لحظات الاندماج فجأة.. ولماذا أنطفئ التكييف! سألتها فقالت لي.. احتراماً لهم..

قالت استحي أن أتمتع ببعض لحظات الراحة والسعادة والآخرين بالكاد يجدون مكان لأقدامهم على سلالم الأتوبيس.. فدائماً ما أفتح النوافذ واجعل الحر ينال مني مثلهم.. لأتذكر نعمة الله.. قالت أن لها فلسفة عن آداب التمتع بالنعم..

وفي يوم آخر طلبنا طعام من محل للمأكولات السريعة.. فتوقف فتى الشارع على الرصيف ينظر إلينا وقد بدأنا نأكل في السيارة..

فترجلت من السيارة وذهبت وأعطته ساندوتش وذهبت المطعم وجلبت لنفسها واحدا آخر وانطلقت بالسيارة.. وبعد مناقشة عرفت منها أنه من آداب شكر النعمة الخاصة بها ألا يتأذى آخر بنعيمك.. وألا تأكد الطعام إلا وقد شاركت من يرافقك..

وفي تجمع للأصدقاء كان فيه صديقة لنا تطلقت حديثاً.. فوجدت صديقتي تخلع خاتم زواجها وتشدد علينا ألا نتحدث عن أزواجنا أمامها.. والأفضل ألا نتحدث عن العلاقات بل نركز على كل ما يمكن أن يفعله المرء مع نفسه وأصدقاءه..

صديقتي لم تتبع قاعدة دينية ولا سنة صريحة.. ولكن كان لديها القدرة على السمو لروح الدين وليس التوقف عند نصوصه..فمِن فِهمها لمقاصد الدين خلقت لنفسها ناموس من الرحمة تتزين طاعتها به..

كثير من النعم اختبارات للنفس وللآخر.. وفقط النفس التي تقوى على التقوى والرحمة في استخدام النعم تفوز ..