مِن صفاتِهم الوارِدة في القُرآن: أنَّهم يتوقَّعون هلاك المؤمنين، وانْحِسار مدِّ الدِّين، فهم يظنُّون أنَّ الله لن ينصُر رسولَه والمؤمنين، وأنَّه لن يُظْهِر دينَه؛ ﴿ بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا ﴾ [الفتح: 12]، هكذا يظنُّون دائمًا بالمؤمنين عندما يبدو أنَّ كفَّة الباطل هي الرَّاجحة، وأنَّ القوَّة المادِّيَّة الظَّاهرة في جانب أعْداء أتْباع الرَّسول، وأنَّ المؤمنين قلَّة في العدد والعدَّة، فيظنُّون أنَّ في الجهاد نِهاية المطاف للمؤمنين، تنتهي دعوتُهم، وأنَّهم لن تقوم لهم قائمة إذا هم واجهوا الباطلَ؛ فقلوب المنافقين بورٌ لا حياةَ فيها، فهذه حال القلْب إذا خلا من حُسْن الظَّنِّ بالله؛ لأنَّه انقطع عن الاتِّصال بالله.

ومن صفاتِهم: السخرية من المؤمنين ومن دينهم؛ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 13]، يصِفون المؤمنين بالسَّفه لإيمانِهم بالله، ويتهكَّمون منهم ومن دينهم، فلا يتركون مجلسًا أو مناسبةً إلاَّ وسلَّطوا ألسِنَتهم وأقلامَهم للنَّيل من المؤمنين، والغمْز في دينهم، وفي المقابل تَجِدهم معظِّمين للكفَّار، ولاؤهم لكفرة أهل الكِتاب، فالكفْر ملَّة واحدة وإن تعدَّدت أشْكاله واختلفت مشاربه.

﴿ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الحشر: 11].

ومن صفاتِهم: أنَّهم يسعَون لتوفير الغِطاء الشَّرعي لأعمالِهم، فلمَّا كانوا مُظْهِرين الإيمان مبطنين النِّفاق، فإنَّهم يُحاولون بشتَّى الطُّرق - عن طريق الكذِب والخداع - ألاَّ يظهر منْهم للنَّاس ما يدلُّ على نفاقِهم؛ فلِذا يسعون أن يصبغوا أعمالَهم بالشَّرع، ويُلْبِسونَها لبوس الدِّين، ففي كلِّ أمر يطرحونه يقدِّمون بين يدَي ذلك، بشرط ألاَّ يتعارض مع الدين، ثم هم بعدُ ينسفون ذلك كلَّه بحجَّة أنَّ هذا الذي يعارضه ليس من الدِّين بل هو من العادات، أو أنَّ المسألة خلافيَّة، فلا تلزموننا برأْي واحد، فلنختر من الأقوال ما نعتقِد أنَّه الحقُّ، والحقُّ الَّذي يدَّعونه ما يحقِّق أغراضهم ومآرِبَهم.