صباح اليوم كانت والدتي تتحدث هاتفيًا مع أحدى صديقتها، وبسبب فترة الأمتحانات تطرق بهما الحديث حول التعليم ورقي المجتمع، فقد كانت والدتي تقول أثناء المحادثة أن التعليم والثقافة بصفة عامة تجعلنا أشخاص أفضل ومن الصالحين.

وهي الفكرة التي استرعت انتباهي: «هل يمكن أن يجعلنا التعليم والثقافة أشخاص صالحين؟ هل تساهم الثقافة في رقى البشر؟ هل يمكن للثقافة أن تكون مقياس التحضر أو الرقي؟ هل يمكن أن يتحلى شخص ما بالخلاق لمجرد إنه متعلم؟» يا لها من فكرة ظلت تأرقني حتى لحظة كتابة تلك السطور إليكم.

وبعد التفكير توصلت إلى نتيجة مُفداها: أن التعلم والثقافة والمطالعة لا تمنع أبدًا من أن يكون الشخص منحط الأخلاق، وليست دليل على تحضر المجتمعات.

فمثلًا: لقد كانت ألمانيا خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضي من أكثر الدول ثقافة وكان بها نظام تعليم متطور، ومع ذلك أنزلقت في ظلام الهتلرية. أما «هايدجر» أعظم فلاسفة القرن الماضي فقد كا هتلريًا، وخان أستاذه «هوسرل»، وتخلى عن تلميذته وصديقته خلال فترة صعود النازاية.

كما أن الكاتبة والفيلسوفة «سيمون دي بوفوار»، أصغر معلمةٍ للفلسفة في فرنسا، تورطت أخلاقيًا مع الفيلسوف «جان بول ساتر»، فقد كانت تقدم تلميذاتها كعطايا له، أما «نيتشه» فقد كان عراب الفاشية الأول. والأمثلة كثيرة ومتعددة.

وعليه، فالثقافة والتعليم والقراءة ليس مقياس على الرقي والأخلاق لأصحابها.. ولكن هذا يقودنا إلى فكرة هى الأخطر في نظري، فدائمًا ما كُنا نقول أن الثقافة والتعليم هما السلاح الرئيسي الذي يقاوم انتشار التطرف الفكري والإرهاب، ألم يكن «بن لادن» قارئًا مثقفًا!

الموضوع مطروح للنقاش، فشاركنا الرأي والنقاش...