سيظل العرب جامدين في مكانهم و كأنهم يعيشون في البقعة الغامضة، مادامت مغالطة المنشأ تطارد عقولهم كمتلازمة، بالمثل الذي تطارد به لعنة الخطيئة الأولى المسيحيين.
مغالطة المنشأ و العرب
مغالطة المنشأ هي مغالطة منطقية، تجعل الشخص يعتقد أن الفكرة جيدة ما دام أن قائلها هو شخص مشهور أو كاتب معروف... إن الإهتمام بمنشأ الفكرة كدلالة على صحتها أو خطئها هو أسوء ما يواجهنا كمجتمع عربي.. فعوضمعرفة الكاتب من أفكاره، نعرف الفكرة من كاتبها ...و هذا ما يؤدي إلى تجميد الإبداع ..
ليس الإهتمام بالبحث عن القائل، فهذا يدخل ضمن الفضول العلمي، و لكن ما أقصده هو تقييم الفكرة إنطلاقا من كاتبها، يعني إن كان الكاتب معروفا و مشهورا فإننا نعتبر فكرته جيدة و حتى و لو لم نفهمها، و إن كان الكاتب غير مشهور و مبتدئ فإننا لا نبالي بفكرته و لو كانت جد قيِّمة... وهذا ما أقصد أنه يقضي على الإبداع
حتى هنا في حسوب IO تجدنا نقيم التعليق بالنظر إلى صحابه لآنه كاتب معروف مثلاً (طبعاً ليس الجميع يفعل ذلك )، ولو أنه علق بصفته مجهول لما تم تقييم تعليقه أو مشاركته بنقاط عالية كما يحدث لو أنه شارك باسمه والعكس صحيح... أتباع مغالطة المنشأ هم أصحاب عقلية الإمعة !
هذا ما تربينا عليه بدون أن نلاحظ ، و لا أعلم كيف نصحح هذا الخطأ
رأيي الشخصي ان السبب الحقيقي لهذا ، هو اننا ما زلنا نهتم بالأديان ، نسمع كثيراً اننا نطبق الدين بطريقة خاطئة و هذا هو سبب تخلفنا ، و لكن الحقيقة أننا أكثر الشعوب تطبيقاً للأديان كفكر و كعمل ، و المشكلة تحديداً أننا نتبنى تعاليم الأديان في تفكيرنا اليومي ما يجعلنا جامدين و يولد لديك احساس بأنك الأفضل أنك المختار ، يجعلك ترضى بالقليل ... الخ
الدين منهج حياة اذا قررت اعتناقه و تطبيقه تأثيره سيجعلك تتصرف بنفس الطريقة الى ان تموت .
قد يبدوا هذا الكلام للكثير هرطقات فالدين يدعوا الى الفضائل و طلب العلم ،، " و هذا ينطبق على اغلب الاديان بالمناسبة " و هذه كانت الطريقة الوحيدة لأنشاء حضارة قديماً ، أن تجمع الناس تحت فكر واحد .. و اظهار الدين كطريق الخلاص الوحيد ..
نحن نعيش الآن العصور المظلمة و لكن الفرق ان العالم متطور كثيراً الآن و يمدنا باحتياجتنا للحياة ، تخيل ان الدول المتقدمة لا تشارك معك المعرفة و الاختراعات الخ ..
اين سنكون ؟! على ما اعتقد سنكون نعيش العصور المظلمة حرفياً نقتل من يخالفنا الخ ...
نحن الان نعتقد ان علينا حرب من الديانات الاخرى اليهودية و المسيحية الخ .. و لكن في الحقيقة هم لا يفكرون فينا الا كدول مستهلكة ينوون الاستفادة منا بقدر استطاعتهم ..
خرافات و هرطقات القرون الماضية يجب أن ننساها .. لا يوجد سبيل للنجاح الآن غير تقوية الاقتصاد و تقوية المعرفة هكذا تقوم المجتمعات ، ولا أن تنسج في خيالك ان العالم يحاربك وأن الإله سينصرنا في النهاية ، لأننا خير أمة.
لا دخل للدين في المسألة، فلو أخذنا طرحك لقلنا أن العلم قد قتل الآلاف من البشر خلال الحرب العالمية الأولى و الثانية، فحتى و لو تقدمت الدول الأوربية و ساهم العلم في ذلك فإنها مع ذلك فقدت العديد من البشر، و ذلك بسبب مساهمة العلم في المجال العسكري، أضف إلى هذا أننا نعيش في مرحلة تسمى التوازن المرعب المبني على توازن القوى ليس بفعل الإقتصاد و إنما بفعل السلاح النووي.
إن تحميلك الدين المسؤولية هو تقييم لا عقلاني لما يحدث في المجتمعات المتخلفة، فالعامل الذي طرحته هو عامل لا يتدخل في المسالة إلا إذا كان بفعل الإنسان... فتخلفنا هي مرحلة لتفريق الأدوار منذ الإستعمار الغربي لبلدان، التي لم تخرج إلا بعد أن وضعت على رؤوسنا عملائها لتحافظ على الوضع كما هو، حتى يتسنى لها بأن نبقى مجرد دول متخلفة لا تصنع وسائل إنتاجها حتى لا تُنافسها في الأسواق العالمية... فالدول الغربية قد قسمت العالم إلى ثلاثة أقسام: الدول الصناعية، الدول التكميلية ، و الدول المستهلكة...
لهذا إن أردنا التقدم فلابد من ثورة تقضي على العملاء، و ليس تحميل المسؤولية للدين أو للعلم، فأنت كمن يقول لطبيب فاشل يجب عليك التخلص من الطب إن كنت تريد أن تُصبح جيدا...
أما المسألة التي تحدثت بشأنها بأن الغرب يُعطينا المعرفة، فهذا أمر جد طفولي، فالمعرفة ليست ملكا لأحد، فبالمثل لو لم يكن هناك حضارة إسلامية لما خرجت الدول الغربية من مستنقع العصور المظلمة، فالنهضة التي أصبحت بسببها الدول الأوربية هكذا، جاءت في الحقيقة من بغداد و غرناطة، و لهذا ستبقى المعرفة ملكا للإنسانية و ليست ملكا لأحد...
حسناً شكراً على ردك
بالنسبة لأن العلم يستخدم في قتل الناس ، فهو يستخدم كوسيلة ، كما استخدمت الاديان كوسيلة للحروب فيما مضى ، عبر الوعود بدخول الجنة الخ ،،
الغرب يعطينا المعرفة لأنه يستفيد منا مادياً
، لو لم يكن هناك حضارة اسلامية لما خرجت الدول الغربية من العصور المظلمة ، اتفق و بشدة هنا ، كل حضارة تستفيد من التي قبلها ، و هذا هو حال الحياة .. و ليس بالضرورة ان معتقد حضارة لانها كانت موجودة في زمان و مكان ما ، انه صحيح ، و لكن تأخذ الجيد و تترك السيء
بدأت أعتقد أن هناك من يسعى لدعم فكرة أن أصل كل مشاكلنا هو على الدين كي تبتعد أصابع الاتهام عن سبب التخلف الأساسي وهو السياسات الفاسدة ( البعيدة عن الدين بعد المشرق عن المغرب ).
ليس أصلها ، الدين يمنعك عن حل مشاكلك بطريقة منطقية ، يجعلك تتبنى مجموعة من الافكار الثابتة التي ربما تكون خاطئة و بشدة و لكنك تتبعها فقط لأنك تربيت في بيئة تقول انها صحيحة
حرفيا تجسيد لمغالطة المنشأ
لكنك تتبعها فقط لأنك تربيت في بيئة تقول انها صحيحة !
أي تربية مهما كانت ستفرض على تفكيرك قيمًا تعتبرها صحيحة. كالحرية الشخصية الغير محدودة في الغرب هي بالنسبة لهم دوغما لا يجوز مناقشتها.
الثابت من الدين الغير قابل للاجتهاد يستحيل ان يعيق التفكير.
الثابت من الدين الغير قابل للاجتهاد هو تحديداً ما يعيق التفكير ،
الحرية الشخصية الغير محدودة هو ما يجعلك مستقلاً بذاتك و تستطيع تطوير نفسك و القيام بالأشياء بأي طريقة كانت دون ان تجعل لنفسك مرجع ثابت غير قابل للتغيير ،
فكرة الاديان عموماً جمع الناس على قلب رجل واحد لكي تستطيع توجيههم للحروب و غيره و ايضا فرض نظام ثابت بين افراد المجتمع ، كان الدين حلاً فعالاً فيما مضى ، و لكن الآن لم نعد نحتاج له ..
الدين لا يجعلك تتعايش مع الاخر كما تعتقد و ليس كالقصص التي تتلقاها من المدارس و رجال الدين و المتداولة بين الناس ، اغلب الاديان تدعوا للانتقاص من قيمة المخالف لها و يصل الى حد يبيح القتل ..
و هناك مشكلتان رئيسيتان عندما نتحدث عن الاديان
الأول : الحكم بتعاليم الدين لا يصلح لكل مكان وزمان كما يدعي البعض ، فتطبيق الدين في احيان كثيرة سيؤدي الى كوارث
الثاني : طريقة تفكيرك انت شخصياً اذا كنت مؤمناً بدين و مصدق به هذا سيؤثر حتماً على طريقة تفكيرك بدون ان تدرك ، سيجعلك أنانياً ، سيجعل نظرتك للحياة خاطئة ، ايضاً يجعلك تفعل الخطأ و ضميرك مرتاح جداً ، ولا تعلم حتى انك اخطأت ... واشياء اخرى كثيرة ، و لكن أخطر ما في الموضوع لن تعلم ابداً ان طريقة تفكيرك خاطئة ..
اسقط عن الدين قناع القدسية لمرة واحكم عليه بعقلك كما تحكم على اي شيء ..
طبعاً هذا سيكون صعب جداً ان كنت تعيش في مجتمع له نفس ديانتك ، لأن عقلية المجتمع نفسها متدينة و عقليتك مبرمجة على الدين منذ ان ولدت ..
مجرد تفكير عميق حول ماذا اذا ولدت في مجتمع كذا ، او اذا كنت موجوداً قبل زمن هذا الدين ، و بعض التفكير عن طريقة كلامك عن من غير دينك و الحكم عليها كشخص ثالث لم يسمع اي شيء عن الاديان ..
الحل في التجريد او abstraction
بسط الفكرة واحكم عليها من اصلها ، بسط كل شيء و فكر فيه كشيء و ليس ككلمة دينية قالها افضل شخص خلقه الاله الاعظم الذي له ملك كل شيء ...
ما احاول ان اقوله ايضا هي مغالطة المنشأ انت تفكر في كل شيء عن الدين ، بأنه صادر عن الذات الالهية العظيمة وافضل الاشخاص العابدين لهذا الاله ... انت لم تفكر به ابداً كمجرد شيء كجميع الاشياء في الدنيا ، و هذا تحديداً يوضح لماذا كل جماعة الى الان في ٢٠١٨ تعتقد ان دينها هو الصحيح
التعليقات