بسم الله الرحمن الرحيم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يدرس الإنسان رغبةً في بناء مستقبل مبهر ومشرق لأحلامه وأحياناً لأحلام عائلته ومحيطه.

يستنزف سنين عديدة من حياته وينبوع شبابه في سجن محتوم عليه رغبة بالتضحية في الوقت الحالي وسنين حياته

أملاً بالعوض المكتسب مستقبلاً والحصول على نتائج جهده وتعبه في تلك المرحلة، وقد يصطدم الإنسان بمرحلة ما بعد

الدراسة فيجد أنه قضى سيراً وراء سرابٍ باهت ليتفاجأ برحلة أخرى من المجهود والعناء ونزيفٍ حاد آخر مستهلكٌ للوقت في سبيل بدء تحصيل الخبرات العملية المختلفة.

كانت فكرة الدراسة الجامعية تبدو بجاذبية لامعة في الأجيال السابقة لهذا العصر، فقد كانت متطلبات دخول الجامعة وظروف الحياة والإهتمام الإجتماعي تجاه الوظائف ومجالات عمل المتخرجين سابقاً لم يكن ينعكس النظر والإقبال عليها كما نراه الآن.

مشكلة الإنسان والدراسة الجامعية تكمن في مدى الصورة المرسومة ومدى نظرة المجتمع للجامعة والطالب والمستقبل بصفتهم أدوات ومراحل زمنية غير ثابتة المدى والمنفعة والتأثير.

ارتباط صورة الشخصية الناجحة مع التحصيل الأكاديمي ( الأكاديمي وليس التعليمي ) أدى إلى تكلف وبذل مساعي وجهود مكرسة تجاه الوصول ألى أتم مراحل العطاء في المرحلة الجامعية بشكل أدى إلى التغافل والإفتقار الى النظرة المستقبلية بعيدة المدى لأرض الواقع العملية وملحمة سوق العمل، مما أدى إلى التغافل عن الأساسيات الأخرى التي تعتبر بنفس الأهمية الخاصة بالجامعة كمقدار وتأثير على مستقبل الإنسان.

خلاصة المشكلة تكمن في تعامل المجتمع مع الدراسة الجامعية وكأنها الخلاص والسبيل لكل نجاح يصيب الإنسان في مراحل تكوينه المستقبلية والمادية خصوصاً مما أدى إلى فراغ كبير وصدمة ثقافية في ذهن ونفس الطالب بعد انتهائه من فترة الحياة الجامعية، بحيث أنه يتفاجأ بأن مرحلة الدراسة كانت عنائً مهدوراً في سكة قد تبدو بعيدة عن متطلبات الحياة العملية والمهنية من جهة سوق العمل مما يتطلبه من مهارات وكفاءات.

فترة الحياة الجامعية تتميز بصقل شخصية الإنسان وترتيب أولوياته واهتماماته وأيضاً تدريب قوة الإرادة والصبر عند الإنسان، ومن المجحف من جهتنا أن لا نذكر سوى سلبيات المؤسسة الجامعية أو أن نذكر سلبياتها فقط دون ذكر أو تعليق على تعامل وتفاعل الإنسان مع هذه الفترة وكيف يؤثر بها.