حتى سنضطر لتحدث اللغة الصينية في المستقبل. حقاً؟
كلا، هذه من أكبر الخرافات المنتشرة والتي يصدقها الكثير من الناس بما فيهم الكثير من الغربيين الذين يقعون ضحية للشركات التي تقدم منتجات لتعليم اللغات أو المعاهد التي تعلم الصينية، إذ يظنون أن الصين بما أنها قبل بضعة سنوات تخطت اليابان لتصبح ثاني اقتصاد في العالم بعد أمريكا، فهذا يعني أن لغتهم ستصبح لغة المستقبل أو ستكون لها أهمية كبيرة جداً في عالم الاقتصاد والمال والسياسة.
هذا الاعتقاد الشائع خاطئ تماماً، فهم قد نسوا أن اليابان تربعت على عرش ثاني اقتصاد في العالم لعدة عقود ومع هذا لم يحتج أحد لتعلم اليابانية، بل العكس هو ما سيحدث بل ويحدث بالفعل، ألا وهو أن أعداداً أكبر من الصينيين ستتعلم الإنجليزية للانفتاح على العالم وتسهيل التواصل معه لتحقيق المصالح التجارية والاقتصادية، وهذا الاتجاه أسهل بكثير من أن يتعلم الناس من مختلف أنحاء العالم اللغة الصينية، وذلك لأن وسائل تعليم الإنجليزية راسخة منذ عقود بالإضافة إلى أن اللغة نفسها أصبحت لغة عالمية مشتركة lingua franca والصينيون ليسوا من الغباء بحيث يحاولون إعادة اختراع العجلة من الصفر.
العامل الآخر هو الوقت الجهد وهو أمر يحرص عليه الناس سواء الصينيين أو غيرهم، فتعلم الصينيين للإنجليزية أسهل وأقصر من تعلم الناطقين بالإنجليزية مثلاً للصينية، وهو ما سيوفر الوقت والجهد والكثير من الأموال المهدرة، فما سيتعلمه الصيني من الإنجليزية في سنتين، سيحتاج الأمريكي أربع أو حتى عشر سنوات لتعلم ما يقابله من الصينية، والسبب في هذا ليس فقط بسبب نظام الكتابة أو النظام الصوتي للغة، فهناك لغات تكتب بالحروف اللاتينية وهي أصعب بمراحل من الصينية! (كالآيسلندية أو المجرية) لكن لأن اللغة الإنجليزية نفسها هي لغة هجين تطورت عبر الزمن لتصبح لغة سهلة نسبياً مقارنةً بأخواتها من اللغات الجرمانية واللاتينية والسلافية، فهي تخلت عن حالات الإعراب cases الموجودة في الألمانية واللاتينية والروسية مثلاً، وتصريفات الأفعال فيها قليلة جداً، بالإضافة إلى أنها ليست لغة لصقية agglutinative مثل التركية أو اليابانية، وطريقة كتابتها سهلة وفيها الكثير من الفصل بين الكلمات بعكس أختها الألمانية مثلاً.
كل هذه العوامل جعلت من اللغة الإنجليزية لغة سهلة ومناسبة لأن تكون لغة عالمية مشتركة بالإضافة إلى استقبالها لآلاف الكلمات من مختلف اللغات الأخرى كالفرنسية واللاتينية وغيرها.
تعد اللغة الصينية من أصعب اللغات إن لم تكن هي الأصعب، فهي تختلف عن بقية اللغات المعروفة من ناحية الكتابة. بخلاف ما نعرفه من لغات، للغة الصينية محارف متعددة يبلغ عددها آلاف
شخصياً ليست مشكلتي مع نظام الكتابة في الصينية، فهو سهل جداً وليس صعباً كما يتصور البعض إذا عرفت فكرته وبنيته والجذور التي بني عليها radicals.
مشكلتي الكبرى هي مع الـ tones وأسوأ منها الأصوات نفسها فهم لديهم عدة أنواع مختلفة من صوت يمكن أن أشبهه بالشين العربية، وكل واحدة منها صوت مختلف تماماً ويغير المعنى بالكلية.
أما التونز، فعلى الأقل الماندرين أرحم من الكانتونية، فالأولى فيها أربع نغمات فقط من السهل نسبياً تمييزها، أما الثانية ففيها تسع نغمات لا أدري بصراحة كيف نشأت وكيف يميزونها. الكانتونية المنطوقة صعبة للغاية.
أما بالنسبة للنحو، فالنحو الصيني مثل الماء، قواعد سهلة جداً بل أكثر من سهلة.
التعليقات