"إذا كنت تستطيع تخيل صورة ما يمكنك أن تجعلها واقعا، وإذا كنت تستطيع أن تحلم يمكنك تحقيق حلمك، فكل شيء ممكن في هذه الحياة أمام إصرارك وحزمك، نعم أنت تستطيع...لا تحسبن نفسك جرما صغيرا وفيك انطوى العالم الاكبر"

كلمات براقة ولامعة تشعل في المرء فتيل الحماس وتذب فيه رغبة متأججة في الإنجاز، ربما تلقيت مثيلا لها قراءة من إحدى قصص النجاح على لسان شخصية من وحي الخيال أو سمعا من محاضرة لأحد مدربي البرمجة اللغوية أو حتى مشاهدة ككليشيه في فيلم من السينما الهوليودية، عبارة "كل شيء ممكن" في حد ذاتها تبطن مفارقة خفية فلو كان كل شيء ممكنا إذا فالمجال مفسح ليكون المستحيل ممكنا، حري بنا ألا تصيبنا الخيلاء بهذا الصدد، المستحيل قائم ويفرض وجوده سواء بمشيئتنا أو إبائنا، هناك سنن كونية أودعها الله لا يسعنا التصرف على نقيضها وقوانين طبيعية ليس بمقدورنا الاضطلاع بخرقها.

ليس كل ما نريده لديه فرصة سامحة ليصبح محققا أحيانا نضع أهدافا نصب أعيننا تتجسد لنا في رداء السهل الممتنع لا نلم بحقيقتها وراء مظاهرها الخاذعة، أممم...إليك مجرد مثال لما أتحدث عنه:

طي ورقة إلى نصفين في المرة الأولى ثم معاودة الكرة بطيها مرة أخرى إلى نصفين آخرين وتكرار العملية ل42 مرة يمكنك أخذ ورقة بالحجم الذي تريده، ماذا لو قررت تبني هذا هدفا تكرس له حياتك لتحقيقه، ما الضير من ذلك ليس بتلك الصعوبة التي تجعله مستحيلا هذا ما يفحمك به عقلك الباطن، دعني أختصر عليك الطريق وأبشرك أنك حتما لن تستطيع لأنك لو استطعت طي تلك الورقة للعدد المطلوب سيكون السمك الناتج يكفي للوصول إلى القمر.

وفي هذا السياق من الحنكة والفطنة تبين إستحالة وإمكانية بلوغ الأهداف التي نبتغيها وذلك بمراجعتها وتحليلها وتبني رؤية واضحة تجاهها قبل أن يسفر هذا عن ضياع في عدة أصعدة الوقت والجهد والمال كل هذا لأنك تسعى لأهداف غير مدروسة أنت في حكم الفاشل فيها من البداية قررت السعي لها بدافع التحمس أو التحفز، حتى معيار "فعلها شخص قبلي إذا فأنا قادر على فعلها" غير عملي لأن المستحيل قد يكون نسبيا فشخص x مصاب بداء التقزم يريد أن ينافس على جائزة أفضل لاعب في الرابطة الوطنية لكرة السلة NBA ما هي احتمالية النجاح بالمقابلة مع شخص y يتجاوز المترين؟ هذا ليس احتقارا أو دعوة للتشاؤم بقدر ما هو علامة على ضرورة التماس الواقعية في الهدف.