في 15 نوفمبر1889 ولد "طه" ذلك الطفل الطبيعي في كل قدراته إلا أنه كان أعمى أنطلق مع سن السادسة باحثا عن العلم فدخل إلى "كتّاب" قريته فلم يروي ذلك شغفه فسافر إلى القاهرة حيث التحق بالأزهر وانتظم به اربع سنوات و نال شهادته ولكن ذلك لم يروي شغف طه الذي عرف أن "الجامعة المصرية " فتحت في ذلك الوقت فكان أول المنتسبين لها فدرس العلوم العصرية و الحضارة الاسلامية وعددا من اللغات كالسريانية و العبرية وأستمر في تعلمه حتى نال درجة الدكتوراه , و حتى هذا كله لم يروي شغفه فسافر إلى مونبلييه الفرنسية فدرس اللغة الفرنسية وعلوم النفس و أكمل بعد ذلك في العاصمة الفرنسية باريس و حصل على درجة الدكتوراه الثانية في علوم الاجتماع فهل هذا كان كافياً لطه ؟! كان طه متعطشاً للعلم رغم أنه خرج من قرية بسيطة لا تعرف العلوم و التعلم بل لا يتوفر بها حتى مدرسة ابتدائية , أكمل طه رحلته المتلهفة للعلم فحصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني وبدرجة امتياز مع مرتبة الشرف , و بعد هذه الرحلة المضنية في التعلم و ملاحقة العلوم خرج لنا الأديب و الفيلسوف و الوزير طه حسين الذي حتى و إن اختلفنا معه فيظل هو طه الذي سحر الكثيرين ببلاغة كتاباته و تميز أفكاره .

كل هذه الشهادات التي حصل عليها طه لم تكن بالنسبة له تعني شيئا فهو القائل(ويل لطالب العلم إن رضي عن نفسه ) فكان بعد حصوله على كل تلك الشهادات يبذل الكثير من وقته للقراءة و التأليف و التعلم لأنه أدرك أن العلم غاية فبه تحيا الأمم و به تقوم الحياة و به تستقيم الأفكار فسباق العالم في كل زمان هو سباق تعلم و من يحصل على المعلومة ينهض , فالمال و المناصب و الجوائز مهما أغرتنا فهي ذاهبة ومندثرة و لكن العلوم ومؤلفوها هم من يبقون مخلدين في صفحات التاريخ , فالأمة الإسلامية نهضت بحصولها على العلم و المعلومة فمن جامعة الزيتونة بتونس إلى دار الحكمة ببغداد بنت الأمة الإسلامية سنوات مجدها بينما كانت اوروبا غارقة في ظلمات الجهل و في يومنا هذا حصل العكس فتطوروا بالمعلومة و تخلفنا بغيابها عنا .

ايها الطالب ...

انت الثروة الحقيقية و انت الطاقة المستدامة ، فالأمم لا تنجح و لا تعلوا الا بعلو أبنائها و لا تنهض إلا بنهوضهم .

يا طالب العلم يقول نبيك عليه الصلاة و السلام : من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنةِ . فقط تأمل انك عندما تستذكر اي علم فأنت تؤجر و عندما تحُل واجباً فأنت تؤجر و عندما تقوم مبكرا للدوام فأنت تؤجر و لا تنسى ان تحتسب ذلك العلم لأجل طاعة الله سبحانه ثم عز الاسلام و المسلمين و عز بلدك و أمتك ، فتنال بذلك اجري الدنيا و الأخرة .

علماء الغرب و الشرق و من تميزوا بطلبهم للعلم كأحمد ابن حنبل و الشافعي صاحبي المذاهب المشهورة و آينشتاين و اديسون و دي كارت و غيرهم من العلماء بذلوا السنين و الايام و الليالي في طلب العلم و التعلم حتى تربعوا على عرش العلماء كل في مجاله .

وتخيل تلك اللحظة التي بفضل الله ثم تعليمك استطعت فيها انتاج علاج يشفي المرضى او فكرة ساعدت بها أمة او توليت منصب ساعدت به مجتمع ، كل تلك الساعات من التعلم و الالم و التعب سوف تندثر امام اول انجاز تحققه في حياتك ، بعلمك و بشهاداتك ستصنع اسمك و اسم عائلتك و وطنك و امتك و تذكر ان نظرة فخر من امك او ابوك و هم مفتخرين بإنجازاتك تستحق سنين من العلم و التعلم ، فبالعلم تحصل على الدنيا و الأخرة و تذكر دائما ان العلم و التعلم و الاجتهاد لا بد ان يأتي بثمرة و ان التعلم يستحق منا بذل السنين و السنين لأجل متعة التعلم .

نراكم علماء .