جميعنا نعرف أن الجزائر تعرضت للأستعمار الفرنسي لأكثر من 130 سنة و استطاعت الاستقلال في سنة 1963 م

عمل الفرنسيين خلال هذه السنوات على تحويل الجزائريين دينياً و ثقافياً و سياسياً بما يتوافق مع فرنسا نفسها .

بعد عملية الاستقلال كانت الرغبة و التوجه لدى الشعب هي تنظيف مخلفات المستعمر و تركها ورائهم في جميع المجالات , لا يريدون شيء له علاقة بفرنسا .

الرئيس أحمد بن بلة قام بجلب المدرسين من بعض الدول العريبة لتدريس الجزائريين اللغة العربية بعد أن كان أغلب الشعب لا ينطق العربية .

أصبحت عجلة الاستقلال مستمرة في الجزائر و هذا ما جعل فرنسا تبحث عن خطة تبقي مكتسباتها في البلاد , ففرنسا دولة استعمارية بامتياز لديها الخبرة الكافية للتعامل مع الثورات الشعبية التي تطلب الاستقلال , فقامت باستخدام القادة العسكريين و تطميعهم بالمناصب و المال !

الجيش مطايا المستعمرين !

بعد سنتين من الاستقلال قامت مجموعة " وجدة " بقيادة هواري بومدين بالانقلاب على أحمد بن بلة و السيطرة على البلاد و منذ تلك اللحظة حتى اليوم لا زال العسكريين يقودون البلاد .

مجموعة " وجدة " للذين لا يعرفهم هم مجموعة من العسكرين الذين يطلقون على أنفسهم بالمناضلين لطرد المستعمر , و قد يكون إدعائهم صحيح لكن بلا شك تحول هذا النضال إلى صداقة حميمة .

الوضع الآن :

1- في الشارع الجزائري اللغة الرسمية و المفضلة هي اللغة الفرنسية

2- هناك 9 صحف رسمية تنشر باللغة الفرنسية

3- اللغة العربية تعتبر لغة رسمية في الاوراق لكن الحكومة و السياسين و المجتمع الأغلبية يتحدثون بالفرنسية .

4- الشوارع و الأماكن العامة لابد أن تكتب بالفرنسية

5- التعليم في جميع مستوياته يغلب عليه استخدام الفرنسية .

السؤال هنا : لماذا لم يتخلص الجزائرين من الهوية الفرنسية ؟!

التجربة الجزائرية مرت بها أغلب الدول العربية و غير العربية من استعمار الدول الأوربية , و استطاعت بعض الدول التخلص من الهوية الاستعمارية و بعض الدول لا زالت تستخدم بعض القوانين التي وضعها المستعمر لكن الثقافة الاستعمارية تخلصوا منها و هذا لم يحدث في الجزائر !

الاسباب من وجهة نظري كالتالي :

1- السيطرة السياسية من قبل الجيش : أي جيش في الدول النامية و العالم الثالث دائماً ما يعتمد على قوى إقليمية و عالمية في دعمه فمن دونها لا يمكن أن يفوز بالرئاسة , استطاعت فرنسا التفاوض مع القادة العسكرين و اقناعهم بدعمهم سياسياً و مالياً لكن بشروط , هذه الشروط جعلت الجزائر تابعة لفرنسا حتى اليوم في أشياء كثيرة في حياة الجزائريين

الشركات النفطية و الغذائية و المقاولات و غيرها من الشركات الثقيلة محتكرة للشركات الفرنسية , و هذا لا يأتي إلا بضغط فرنسي ( إذا أردتم الاستمرار في الحكم , عليكم بتمكين الشركات و الهوية الفرنسية في البلاد ! ) .

2- الفرص الاقتصادية : فرنسا سمحت للجزائريين بالحصول على الوظائف داخل فرنسا نفسها و هذا ما جعل العدواة ضد فرنسا تضعف , فنحن أبناء اليوم و ليس أبناء الماضي , حتى تشكل جيل كامل يعيش في فرنسا يؤمن أن فرنسا سوف يكون تعاملها مع الجزائرين بلطف .

3- ضعف الوازع الديني : أغلب الجزائرين مسلمين , و العقيدة الاسلامية في أبسط مسلماتها تحث على التخلص من المستعمرين وما جلبوه معهم بكافة الطرق و تعتبر ذلك حراماً بالقطيعة , فالثقافة الاسلامية و السلوك لم يكن متمكن لدى الجزائريين حتى يتأثروا منه .

فعلى سبيل المثال : كان يقول المستشرق الهولندي سنوك هرخرونيه حينما كانت هولندا تستعمر إندونسيا , كان الأندونسيين حينما يعودون من الحج أشد شراسة في المقاومة و النضال و لا تنهض حركات المقاومة إلا بعد موسم الحج , لذلك ذهب سنوك إلى مكة و ادعى أنه مسلم ليعرف ماذا يحصل هناك بالحج و تأثيره على الاندونسسين .

الجزائرييون في حالة ابتلاء , ليس من السهل تغيير الوضع في يوم و ليلية , يحتاج لمشروع وطني لسنوات طويلة يقودها رئيس يتخلص من الهيمنة الفرنسية

أنت , ماذا ترى ؟

لماذا لم يتخلص الجزائرين من الهوية الفرنسية ؟!