جرت العادة في استطلاع هلال شهر ذي الحجة – شهر الحج والوقوف بعرفة – كل عام من المملكة العربية السعودية بأولوية مطلقة واتباع تام لجميع المسلمين لقول علماء المملكة، وليس الأمر مثله مثل استطلاع هلال شهر رمضان.

وأيضًا جرت العادة أن يتبع العالم الإسلامي المملكة العربية السعودية في نتائج هذا الاستطلاع، والتسليم بأن أول أيام شهر ذي الحجة للعام الهجري 1439 سيكون الموافق 12 أغسطس/آب 2018 وهذا هو ما اعتدنا عليه منذ القدم، لخصيصة شهر ذي الحجة في أداء مناسك الحج، والتي تُقام في بلد الحرمين حيث المملكة.

هذا العام رأيت عجبًا!

أكثر من 20 دولة (منهم المغرب، باكستان، باكستان، بنجلاديش، بروناي، ماليزيا، وغيرهم) رأوا أن العلماء في المملكة العربية السعودية قد ادّعوا رؤية الهلال وهم لم يروه بالفعل، وبالتالي فقد أخطأوا في تحديد مدخل الشهر، وعليه فمناسبك الحج التي يقوم بها قرابة ثلاثة مليون حاج تُقام في غير مواقيتها. وهذه مخالفة صريحة لأيام الله.

وعليه فقد ثارت مواقع التواصل الاجتماعي بتدليس وتضليل – على حد قولهم – علماء وولاة الأمر في السعودية المسلمين أجمعين في مواقيت الحج، وبالتالي صحة شعائر الحج.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد

فعلى الرغم من اتباع معظم المسلمين في مصر للسعودية إلا أنه خرج بعض منهم يثور على هذا التضليل، ويعلن أنه ضد ذلك، بل ويحتفل بعيد الأضحى اليوم الأربعاء 22 أغسطس، وأمس – حيث أول أيام العيد بشكل رسمي ويحرم فيه الصيام – كان صائمًا على أنه يوم عرفة.

حقيقة، هذه هي أول مرة أرى فيها مثل هذا الاختلاف. لقد تعودت مسألة الخلاف بشأن هلال رمضان واعتدته، على الرغم مما فيها من فرقة للأمة، ولكن هذه المرة بحق بدا لي الأمر عجيبًا، لم أعهده من قبل، ولا أدري إن كان قد تكرر سابقًا أم لا، ولكنها المرة الأولى التي أعاينه فيها.

سألت إمام مسجدنا في الأمر، فقال: يوم عرفة حيث وقف المسلمون بعرفة، ولن يضيع الله دينهم بسبب خطأ البعض. ثم تلا قوله تعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٥﴾ الأحزاب).

وأضاف: لا يوجد أي فائدة تُذكر للمملكة وولاة الأمر فيها أن يتم تضليل الناس يوم الحج، فأرجح الأقوال – إن صح ما يدّعيه من يقول بأن وقفة عرفة هي اليوم الموافق الثلاثاء 21 أغسطس 2018 – أن ما حدث كان خطأ، والله لا يؤاخذنا على الخطأ غير المقصود. انتهى كلام الشيخ

على الناحية الأخرى، يُقاتل الفريق الآخر عن رأيه، ويقول بأن: شرائع الله توقيفية بالزمان والمكان، وخاصة يوم عرفة. ولن نتبع ضلال أضل به علماء (السوء) المسلمين، ولا يلزمنا اتباع المملكة العربية السعودية في توقيتاتها، فنحن لا نحج، وبالتالي لن نقف بعرفة.

الخلاصة: الأمر أصابني بحيرة شديدة. فهل من أخ ذو عقل رشيد يقول في الأمر قول فصل؟