قبل 30 عام الاعلام في العالم العربي و معظم دول العالم (باستثناء الدول الديمقراطية) كان احادي بيد السلطة التي تعرض او تحجب ما تشاء من اخبار, و الاخبار و التحليلات عادة تكون مملة عبارة عن تطبيل و تزييف للحقائق, هذا الامر اتاح للحكومات السيطرة على وعي الشعوب.

الامر بدأ بالتغير بانتشار تقنية البث التلفزيوني عبر الاقمار الاصطناعية ببداية التسعينات, و لاول مرة اصبح بامكان المواطن العادي مشاهدة قنواة خارج نطاق سيطرة حكومته

قناة الجزيرة احدثت ثورة اعلامية في العالم العربي من حيث التغطية و الطرح البعيد عن هيمنة الحكومية, و عرض اراء مغايرة للصور النمطية السائدة, و الامر المميز في تلك الفترة هو عدم التوجس من قناة الجزيرة قطرية لانها في بداية اطلاق هذه القناة كانت دولة هامشية, و لهذا حصلت على شعبية كبرى, و لمواجهة هذه القناة اطلقت السعودية قناة العربية الاخبارية.

و لكن مع احداث الربيع العربي فقدت قناة الجزيرة الكثير من مشاهديها لانها فقدت الحيادية و الموضوعية فهي كانت تلعب دور المحرض على الثورات بحجة انها تقف مع الشعوب! بينما الاعلام يجب ان يكون حيادي و موضوعي(و لو بالحد الادنى) و مع بروز دور قطر السياسي و دعمها للاحزاب و الجماعات الدينية فقدت القناة الكثير و ربما اكثر مشاهديها , فقد اصبحت بنظر المواطن قناة حكومية كقنوات التطبيل الحكومية التقليدية التي كان يشاهدها قبل ثورة الاقمار الاصطناعية

قناة العربية في تلك الفترة كسبت العديد من المشاهدين بسبب تغطيتها الاقل انحيازية مثل قناة الجزيرة, فهي كانت في طرف الانظمة(باستثناء النظام السوري) و لكن بشكل غير مباشر او صريح

و لكن مع بداية الثورات المضادة و التي بدأت بالاطاحة بالاخوان في مصر عام 2013, اصبحت القناة منحازة و محرضة بشكل مباشر

و بالتالي اصبح الاعلام العربي يفتقر للحد الادنى من الحيادية و الموضوعية

اما مع الازمة الخليجية عام 2017 فقد اصبح الاعلام مهزلة عبارة عن تراشق بين السعودية و قطر و حلفائهما

و الاعلام في الانترنت من ناشطين او مواطنين عاديين لم يسلم هو الاخر, فبعد عام 2011 ادركت الحكومات خطورته, و اصبح هناك رقابة قوية و تعاون قانوني و استخباراتي مع المواقع العالمية كفيسبوك و غيرها, هذا بالاضافة لانتشار ضاهرة الجيوش الالكترونية.

المواطن العادي الذي كان سابقا محصور في اعلام احادي و يتوق لوسائل اعلام متنوعة بعيدة عن سلطة الدولة, اصبح حاليا محاط بكمية و مصادر معلومات مهولة يصعب عليه الحصول على معلومات صحيحة و تحليل حيادي و الحكومات تكيفت و اصبحت تجيد استخدام الاعلام الحديث(المتنوع و العابر لحدود الدولة) و بالتالي سيطرت على وعي الشعوب مرة اخرى كالسابق و لو بدرجة اقل.