ما أقصده بالطاقة الروحية هو: التأثير النفسي لبعض الأماكن أو الشخصيات، بشكل غير مفهوم، وبدون تفسير منطقي واضح.

قبل أن ترفض الموضوع أو تقبله، دعني أروي قصتي الشخصية، وهي قصيرة، وبسيطة للغاية.

ذات مرة قررنا السفر لمنطقة ساحلية (الإسكندرية) واخترنا قضاء أسبوع في شقة تطل على البحر مباشرة، فدفعت مقدم الحجز، وأحضرت أسرتي (أمي، زوجتي، ابنتي). حتى هذه اللحظة وتبدو الأجازة لطيفة.

الغريب في الأمر هو عدم راحتنا النفسية في الشقة. الشقة واسعة وجميلة وتطل على البحر مباشرة – بدون عوائق – وفي دور مرتفع، وعلى الرغم من ذلك فقد كنا نشعر بانقباض غريب في نفوسنا طوال فترة تواجدنا فيها. كنا نخرج ونذهب إلى العديد من الأماكن، فنشعر بالسعادة والانبساط ونحن في تلك الأماكن، وحينما ينتهي اليوم، وبمجرد اتخاذ قرار العودة إلى الشقة، تتغير حالتنا المزاجية إلى الضيق والانقباض.

في هذه الشقة مرضت أمي، ولم تستطع إكمال الأجازة معنا، وعادت إلى القاهرة، وظلت بعدها مريضة لفترة طويلة من الزمن. وفي هذه الشقة تشاجرت مع زوجتي، على الرغم من أن الأجازة كانت للخروج من الضغوط، فإذ بها تُلقي بنا في ضغوط أخرى.

وفي النهاية، اعترفت لزوجتي بمشاعري ناحية الشقة، فإذ بي أُفاجأ بأن زوجتي تعاني من نفس مشاعر الخوف وعدم الارتياح ناحية هذه الشقة. أنهينا أجازتنا قبل موعدها بيوم، وعدنا إلى منزلنا نتنفس الصعداء وكأننا كنا في سجن، وليس في أجازة.

الأمر عجيب .. أليس كذلك؟

على مستوى الشخصيات، يوميًا نقابل شخصيات لا نرتاح لها، ونشعر بالانقباض ناحيتها، وعدم الراحة في وجودها، بدون أي سبب منطقي. وأيضًا شخصيات أخرى نتمنى ألا تفارقنا .. أليس كذلك؟

أما على المستوى التاريخي، فيكفي أن أذكر شخصيات مثل راسبوتين أو كراولي لتفهم مقصدي. أتحدث عن شخصيات كان يبدو وكأن لها طاقة روحية – غير مريحة – فوق طاقة البشر العاديين. وكذلك بالنسبة لبعض الأماكن.

أذكر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد حذر من المرور على ديار من أهلكهم الله بعذاب من عنده، مثل قوم عاد وثمود وسدوم، بل كان الرسول يشعر بالانزعاج الشديد عند المرور على هذه الأماكن، وحث الصحابة على الإسراع حال المرور على مثل هذه الأماكن.

ألا تشعر أن الأمر به بعض الغرابة؟ هل لك تجارب تحمل نفس الصبغة؟

تحديث هام: الأحاديث التي قصدتها في الموضوع بأسانيدها ورتبتها، لعدم الوقوع في شبهة ذكر حديث باطل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

الحديث الأول:

عن ابنِ عمرَ قال نزل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالناس عامَ تبوكَ الحِجرَ عند بيوتِ ثمودَ فاستقى الناسُ من الآبارِ التي كانت تشربُ منها ثمودُ فعجَنوا ونصبُوا القدورَ باللحم فأمرهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَهرِقوا القدورَ واعلفوا العجينَ الإبلَ ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئرِ التي كانت تشربُ منها الناقةُ ونهاهم أن يدخلوا على القومِ الذين عُذِّبوا فقال إني أخشى أن يُصيبَكم مثلُ ما أصابهم فلا تدخُلوا عليهم

الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية | الصفحة أو الرقم: 5/10 | خلاصة حكم المحدث : إسناده على شرط الصحيحين من هذا الوجه

الحديث الثاني:

أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لأصحابِ الحِجرِ: (لا تَدخُلوا على هؤلاءِ القومِ إلا أن تكونوا باكينَ، فإن لم تكونوا باكينَ فلا تَدخُلوا عليهم، أن يُصيبَكم مثلُ ما أصابهم).

الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 4702 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

رابط المصدر (موقع الدرر السنية - موسوعة الحديث):

https://dorar.net/hadith/se...