الاسم :جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي

الوفاة:815 (عمر 93–94) الكوفة

الإقامة:العراق

الجنسية:الدولة العباسية

اللقب:أبو الكيمياء

صنّف جابر بن حيّان الكيمياء ونظّمها بطريقة علميّة، فكان على الدّوام يُنجز ويبتكر في مخبره عمليّات التّمييع والتّصعيد والبلورة والتّكثيف والتّقطير والتّنقية والتّطهير والملغمة والأكسدة والتّرشيح والتّكليس والصّهر والإذابة، واخترع الإنبيق والمعوجة والمقطّرة، والعديد من الموادّ الكيميائيّة، مثل الكحوليّات المقطرة، وهو أوّل من أسّس للعطارة، وعليه اعتمد الكنديّ في كثير من أعماله في هذا المجال.

ويمكن القول إنّ جابر بن حيّان كان سابقًا لعصره بقرون، فلولا الله ثمّ جابر لما كان هذا النّتاج العلميّ الضّخم الّذي اعتمد عليه العالم فيما وصل إليه، فهذه الصّنعة أي الكيمياء هي صنعة جابر، وقد أشرنا في البداية إلى ما قال عنه العلماء من مديح واعتراف بفضله وقدرته. لا أحد من العلماء يُنكر أنّ جابر بن حيّان هو مؤسّس علم الكيمياء التّجريبيّ، فهو أوّل من استخلص معلوماته الكيميائيّة من خلال التّجارب والاستقراء والاستنتاج العلميّ، وقد كان غزير الإنتاج والاكتشافات. وكانت أعماله القائمة على التّجربة العلميّة أهمّ محاولة جادّة قامت في ذلك الوقت لدراسة الطّبيعة دراسة علميّة دقيقة، فهو أوّل من بشّر بالمنهج التّجريبيّ المخبريّ؛ فأدخل التّجربة العلميّة المخبريّة في منهج البحث العلميّ الّذي أسّس قواعده، لذلك نراه يعتمد على المنهج العلميّ الّذي يخضع للتّجربة المخبريّة والبرهان الحسيّ، فالتّجربة وحدها لا تكفي لتصنع عالـمًا، بل لا بدّ أنّه يسبقها الفرض العلميّ الّذي يصنعه العالم. لقد درس جابر وبكلّ إمعان المنهج العلميّ عند اليونان، وكان ينصح طلابه بالقول المأثور عنه: (أوّل واجب أن تعمل وتُجري تجارب؛ لأنّ من لا يفعل ذلك، لا يصل إلى أدنى الإتقان، فعليك بالتّجربة؛ لتصل إلى المعرفة). بعد أن درس جابر المنهج العلميّ عند علماء اليونان وجده يرتكز على التّحليلات الفكريّة الغامضة، مما جعله يعتمد على المنهج العلميّ الّذي يخضع للتّجربة المخبريّة والبرهان الحسيّ كما أسلفنا، مع الاحتفاظ بالنّظريّات الّتي تعتبر عصب البحث العلميّ، فألزم نفسه بأسلوب البحث النّظريّ والسّلوك العلميّ، ليضمّ تحته كلا المنهجين: الاستدلاليّ والاستقرائيّ، والّذي هو الأسلوب العلميّ في المعنى الحديث.

يطرح جابر منهجه فيقول: "يجب أن تعلم أنّا نذكر في هذه الكتب، خواصّ ما رأيناه فقط دون ما سمعناه، أو قيل لنا، أو قرأناه، بعد أن امتحناه وجرّبناه، فما صحّ أوردناه، وما بطل رفضناه، وممّا استخرجناه نحن أيضًا وقايسناه على هؤلاء القوم"، وليس هذا فحسب بل نجد جابرًا يجمع بين الامتحان التّجريبيّ أو العمل المعمليّ والفرض العقليّ الّذي تأتي التّجربة لتأييده أو رفضه أو تكذيبه، ويُعتبر جابر أبا المهنج التّجريبيّ، فيقول: "قد عملته بيديّ وبعقلي من قبل، وبحثت عنه حتّى صحّ، وامتحنته فما كذب". ويرى جابر أنّ التّجربة هي المحكّ، ويقول: (إيّاك أن تجرّب أو تعمل حتّى تعلم، ويحقّ أن تعرف الباب من أوّله حتّى آخره.. بجميع تقنيته وعلله، ثم تقصد لتجرّب، فيكون بالتّجربة كمال العلم).

تدلّ العمليّات الكيميائيّة الّتي أوردها جابر في مؤلّفاته على براعته في الكيمياء وإبداعه في تصميم الأفران والبوتقات، فهو أوّل من فصل الذّهب عن الفضّة بوساطة الحمض، وشرح بالتّفصيل عمليّة تحضير الإثمد (الأنتيمون)، والزّرنيخ، وتنقية المعادن، وصبغ الأقمشة، كما أنّه أوّل من حضّر حمض الكبريتيك بتقطير مادّة الشّبّ، وصنّف الموادّ إلى: كحول (موادّ طيّارة)، وفلزات، ومعادن، وحضّر أكسيد الزّئبق، وحمض النّتريك، أي ماء الفضّة، وكان يسميه الماء المحلّل أو ماء النّار، وحضّر الكلوريدريك المسمّى بروح الملح. وهو أوّل من استخرج نترات الفضّة، وقد سمّاها حجر جهنم، وثاني كلوريد الزّئبق (السليماني)، وحمض النّتروهيد روكلوريك (الماء الملكيّ)، وسمّي كذلك لأنّه يذيب الذّهب ملك المعادن. وأوّل من اكتشف الصّودا الكاوية، وأوّل من لاحظ رواسب كلوريد الفضّة عند إضافة ملح الطّعام إلى نترات الفضّة، كما استخدم الشّبّ في تثبيت الأصباغ في الأقمشة، وحضّر بعض الموادّ الّتي تمنع الثيّاب من البلل؛ وهذ الموادّ هي أملاح الألمنيوم المشتقّة من الأحماض العضوية ذات الأجزاء الهيدروكربونية، ومن استنتاجاته أنّ اللّهب يُكسب النّحاس اللّون الأزرق، بينما يُكسب النّحاس اللّهب لونًا أخضر.

ويعزَى إلى جابر أنهّ أوّل من استعمل الميزان الحسّاس والأوزان متناهية الدّقّة في تجاربه المخبريّة، وقد وزّن مقادير يقلّ وزنها عن 1/ 100 من الرّطل، ويُنسب إليه تحضير مركّبات كلّ من كربونات البوتاسيوم والصّوديوم والرّصاص القاعد، كما استخدم ثاني أكسيد المنجنيز؛ لإزالة الألوان في صناعة الزّجاج، كما بلور جابر النّظرية الّتي مفادها أنّ الاتّحاد الكيميائيّ يتمّ باتّصال ذرات العناصر المتفاعلة مع بعضها دون فقدان خصائصها؛ لتشكّل وحدة من عناصر مجتمعة صغيرة جدًّا لا ترى بالعين المجرّدة، ومثّل على ذلك بكلّ من الزّئبق والكبريت إذا ما اتّحدا وكوّنا مادّة جديدة. هذا كلّه توصّل إليه بعد أن درس خواصّ بعض الموادّ دراسة دقيقة، فتعرّف أيون الفضّة النّشادريّ المعقّد بالإضافة إلى ما قام به من تحضير عدد كبير من الموادّ الكيميائيّة.

إنّ ما توصّل إليه جابر إنّما كان بفضل الله سبحانه وتعالى ثمّ بفضل تجاربه المخبريّة المستمرة، فكان يُجري معظم تجاربه في مختبر خاصّ تمّ اكتشافه في أنقاض مدينة الكوفة أواخر القرن الثّاني عشر الهجريّ/ القرن الثّامن عشر الميلاديّ/ عصر الخلافة العثمانيّة)، وهو أشبه ما يكون بقبو في مكان منعزل بعيد عن أعين الفضوليّين، وكان من أثاثه :منضدة، وقوارير، وأفران، وموقد، وهاون وبعض الأدوات، مثلًا: الماشق (الماسك)، والمقرض، والملعقة، والمبرد، والقمع، والرّاووق (المصفاة)، وأحواض، وإسفنجة، وآلة تكليس، وقطّارة، ومعدّات التّقطير، وميزان، وإنبيق وغيرها.