بعد الحرب ا لعالمية الثانية، وظهور السلاح النووي، استوى العالم على وجود قوتين عظميين: شرقية متمثلة في الاتحاد السوفيتي الاشتراكي، وغربية في شكل الولايات المتحدة الأمريكية الرأسمالية. هذه الفترة تُعرف في التاريخ باسم (الحرب الباردة) كناية عن حرب شرسة لا يُستخدم فيها الأسلحة أو الجنود، وإنما التنافس التقني والمخابراتي ومحاولة توسيع نطاق سيطرة وتحالفات كل طرف، وإبراز مساؤه وعيوبه إعلاميًا.

وكان الأمريكان في منتصف القرن العشرين يتباحثون بشأن غزو الفضاء، وما إذا كان من المفترض أن نأخذ هذه الخطوة أم لا. وبينما هم كذلك، إذا استيقظوا على أخبار صعود المركبة (لونا2) إلى الفضاء في أول رحلة فضائية في التاريخ.

كانت الصدمة مروعة، ليس للقيادة الأمريكية وحدها، ولكن للشعب الأمريكي بأكمله، إذ عدُّوا هذه القفزة السوفيتية طعنة نافذة في كرامتهم. فانطلق سباق الفضاء الأمريكي لدعم وصول أول رجل إلى سطح القمر حاملاً العلم الأمريكي قبل السوفييت. الأزمة التي حدثت في ذلك الوقت، لفتت انتباه الولايات المتحدة الأمريكية إلى العديد من الأشياء، وكان من ضمنها: المناهج التعليمية.

الولايات المتحدة الأمريكية التي نعرفها اليوم، أدركت أن التغير الحقيقي لن يأتي إلا بتغيير حاسم في المناهج التعليمية. هذا التغيير هو الذي سيصنع الفارق في المستقبل. فمن يتلقى تعليمه اليوم في المدارس الأمريكية، هم رجال الساسة، والقضاة، والعلماء، والأدباء، وأعضاء الكونجرس، والرؤساء الذين سيراهم المجتمع غدًا. هذا أمر مفهوم ضمنيًا، ولكن التنبيه مهم

هذا بالنسبة لأمريكا ......... فماذا عنَّا؟

هذا الموضوع يركز على الأخطاء التي لاحظتها خلال مساري التعليمي، والتي يجب تداركها مع أبنائك في مرحلة مبكرة، قبل أن تُخرج إلى المجتمع، نسخًا مكررة قليلة الفعالية من المواطنين، الذين يحفظون ولا يفقهون.

أخطاء القراءة

لنبدأ بالمراحل التعليمية الأولى، وبداية تعلم القراءة، وما هي الأسس التي ترسخت فينا من الصغر، وستجد ذلك واضحًا فيك أنت نفسك بنفسك:

  1. أنك يجب أن تقرأ كل كلمة في الكتاب.

  2. أنك يجب أن تقرأ بصوتك سواء بصوتك اللفظي أو بصوتك الذهني (أي أن يكون هناك صوت يتلو الكلمات داخل رأسك).

  3. أنك يجب أن تقرأ الكتاب كاملاً من الجلدة إلى الجلدة

  4. أنك يجب أن تقرأ الكتاب حتى لو كان مملاً، لأنه بالتأكيد به معلومة مفيدة

طريقة العلاج: تعلم وعلّم أبنائك تقنيات القراءة السريعة، وكيف يمكنهم اختيار المواد المناسبة لهم للقراءة، من خلال اقتناص العناوين والتصفح السريع.

أخطاء المناهج:

  1. التاريخ: تاريخ علماني بحت، تم تهميش دور الدين فيه، والحث على القومية، وتمجيد شخصيات شوهت المجتمع وأساءت إلى الحضارة، والتعامل معها كرموز فكرية، أو أدبية. طريقة العلاج: ادرس التاريخ بنفسك – لنفسك أولاً – ثم علمه لأبنائك، وعرفه حقيقة كل شخص ومقدار صلاحه/فساده وكيف يجب أن يكون موقفنا منه.
  2. العلوم: على الرغم من وجود معمل في المدرسة، إلا أنه يوجد فقط لأجل زيارة الموجه، أو وكيل الوزارة، وليس لأجل أن يتلقى فيه الطلبة علومهم. للأسف كل العلوم التجريبية يتم تدريسها بشكل نظري بحت، بعيدًا عن التطبيقات العملية المفترضة. طريقة العلاج: توفير أكبر قدر ممكن من الأدوات والأجهزة العلمية (معقولة الثمن – غير الخطيرة على الأبناء) في المنزل، وتعليم الأبناء كيفية استخدامها – شراء أو استعارة الكتب العلمية العملية من المكتبة، وتطبيق الأنشطة الواردة فيها بالمتاح من المواد. هذا من شأنه تربية ابنك على عقلية تجريبية.
  3. اللغات الأجنبية: سواء إنجليزي، فرنسي، إيطالي، ألماني، أو أي لغة أخرى. يتم تدريب الأبناء على اللغات الأجنبية بشكل تحريري نظري فقط (أي أن الابن يقرأ ويكتب فقط، حتى يتمكن من الإجابة على أسئلة الامتحان، ولكنه لا ينطق الألفاظ بشكل صحيح، ولا يتدرب على طريقة التحدث الصحيحة. ولذلك يتخرج الشاب من الجامعة، وهو بعد في حاجة إلى كورسات تدريبية تساعده على إتقان اللغة). طريقة العلاج: إلحاق الأبناء بكورسات تدريبية خاصة تناسب فئتهم العمرية، وتدريبهم على اللغة باحتراف مع مدرسين متخصصين، والتركيز على الممارسة العملية للغة. فلو كنت متمكنًا من اللغة، خصص ساعة يوميًا للتدريب على المحادثة في المنزل، وإن لم تكن اصحبهم إلى الأماكن أو المجتمعات التي يتواجد فيها من يتحدث تلك اللغة. ##أخطاء التعلم:
  4. الحفظ هو الأساس: التركيز على أهمية الحفظ (الدَّشّ) حتى يتمكن الطفل من حل الامتحان.
  5. الدراسة لأجل الامتحانات وليس الحياة: المدرسة تركز على أن الطالب يجب أن يذاكر حتى يتمكن من حل امتحاناته فقط، وليس لأن العلم يفيده في حياته بشكل عام، وفي اختيار تخصصه ومهنته المستقبلية بشكل خاص.
  6. العلم نظري: وهي آفة العلم عندنا. معظم العلوم – إن لم يكن جميعها – علوم نظرية لا يتم تدريسها بشكل عملي.
  7. علوم غير مرتبطة بالواقع: من مناهج قديمة بشكل متسلسل. والمقصود بمتسلسل: أي أننا متأخرون بشكل متسلسل. أي أن التقنية/العلوم المتوافرة في الأسواق الآن تسبقنا بخمس خطوات مرحلية على الأقل.

طرق العلاج المقترحة:

طرق العلاج في طريقة التعليم تركز في الأساس على الثقافة العامة للأسرة. يجب أن تكون الأسرة – الأب والأم والأبناء – على قدر معقول من الثقافة يسمح لهم بمتابعة تطورات وتطبيقات التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، وتوعية الأبناء بها. وتعليمهم كيفية تعلم العلم النافع الذي يساعدهم في حياتهم بشكل عملي تطبيقي.

مثال1: استخدام أحدث الإصدارات من البرمجيات المتوافرة في الأسواق. فعلى سبيل المثال: إذا كانت أنظمة تشغل الحاسب المتاحة في الأسواق الآن لا تقل عن Windows 7 فما فوق، فمن الخطأ الشديد تعليم الأبناء على نظام النوافذ الأقدم Windows xp على سبيل المثال، فهذا يعتبر إهدارًا للوقت، مقابل التقنيات المتاحة في الأسواق.

مثال2: إذا كانت كل السيارات المتوافرة في الأسواق الآن تعمل بنظام ناقل السرعة الأوتوماتيكي Automatic فمن تضييع الوقت أن يتم التدرب على استخدام السيارات ذات ناقل السرعة اليديو Manual، وتضييع الوقت التعليم والخطأ لأجل احتمالية ضعيفة لاستخدام سيارة يدوية، بينما الأغلبية سيارة أوتوماتيكية (أضرب مثالاً فقط – في مصر الغالبية للسيارات اليدوية، وفي الخليج الغالبية للسيارات الأوتوماتيكية).

في النهاية، هذا جهد المقل. فهذا ما استطعت تقديمه، وأمارسه بقدر المستطاع مع أبنائي. وأتمنى أن تفعل أنت كذلك المثل مع أبنائك.

ما الذي جربته بشكل شخصي أو تعرف أحدًا جربه، وتقترحه في هذا الشأن (الهام جدًا) وترغب في أن نحذو حذوه؟

ساهم في إثراء هذا النقاش