تشير كلمة (نانو) إلى وحدة قياس مترية شديدة الصغر. إذ أن النانو الواحد يبلغ 1 على مليار من المتر. أي أن المتر الواحد = 1000,000,000 نانو.

تستخدم هذه الوحدة في الأساس في علومي الفيزياء والكيمياء، حيث التعامل مع الذرات والجزئيات. (الذرة هي أصغر وحدة بناء، أو أصغر جزء من العنصر الكيميائي بينما الجزيء هو أصغر وحدة من المادة الكيميائة. مثال على الذرة الهيدروجين كعنصر يتكون من ذرة واحدة (H). مثال على الجزيء الأكسجين يتكون من ذرتين (O2). الماء يعتبر جزء يتكون من ذرتين هيدروجين مع ذرة أكسجين لذلك تجد رمزه الجزيئي (H2O)).

لتخيل حجم النانو كوحدة قياس، لنجر سويًا هذا الاختبار اللطيف الآن:

تحسس بيدك أو امسك شعرة من شعيرات رأسك ... هل فعلت؟ .. حسنًا .. هذه الشعرة التي تمسكها بيدك الآن = 80,000 نانو .. هل أدركت كيف هو النانو الآن؟

وبنفس مقياس النانو، لو تم وضع 10 ذرات هيدروجين ملتصقين على صف واحد يساوي طول هذا الصف = 1 نانو. أي أن ذرة الهيدروجين = 0.1 نانو. بينما الخلية البشرية تساوي 2,000 نانو تقريبًا. بشكل عام تتعامل تقنية النانو Nanotechnology مع القياسات من 0.1 حتى 100 نانو.

كيف تعمل تقنية النانو Nanotechnology

المادة بحجمها العادي تخضع للخواص الفيزيائية والكيميائية العامة بشكل معين. فيمكن طرقها وسحبها، وتعريضها للحرارة (صهرها)، ضغطها، تغيير شكلها، واختبار توصيلها للكهرباء، وغيرها من الخواص.

تلك الخواص الفيزيائية المعروفة والتي درسناها جميعًا في مراحلنا التعليمية، تتغير تغيرًا جذريًا إذا تعاملنا معها بحجم مختلف، أو بمعنى أدق: إذا تعاملنا معها بشكل جزيئي.

ففهي هذه الحالة نتعرف على خواص جديدة تمامًا لم تكن متوافرة في تلك المادة حينما كانت في حجمها العادي المنظور. الآن، عُد إلى الجدول الدوري، وانظر كم عنصر كيميائي مسجل فيه حتى الآن، وكم تركيبة جزيئية يمكن صناعتها من هذه العناصر، وستدرك كم الاحتمالات الرهيب الذي تعيشه تقنية النانو الآن في الاختبارات التي تجريها في المعامل البحثية بالفعل.

على سبيل المثال، تخيل أن تختلف خواص الحديد Fe التي نعرفها، أو مركب كلوريد الصوديوم NaCl، عن خواصه الكيميائية باستخدام تقنية النانو! تخيل حجم الاحتمالات والإمكانيات التي من الممكن أن توجد في مثل هذه المواد.

تطبيقات تقنية النانو Nanotechnology

في الواقع، مع هذه الإمكانيات فالمستقبل يحمل الكثير من الأحلام التي من الممكن أن تتحقق. يكفي أن تنظر إلى هذا الإنجاز – في الفيديو التالي – حيث يوضح سائل خاص يتم رش الأسطح به، فيعزلها عزلاً كاملاً عن السوائل. فلا تبتل بالماء، أو تتشرب الزيت، أو تتسخ بالطين، أو تتشرب السوائل الأخرى المختلفة.

شاهد الفيديو (المادة معروضة للبيع بالفعل الآن):

هذا إنجاز محدود لما يمكن أن تفعله تقنية النانو Nanotechnology . استخدامات هذه التقنية متسع للغاية، يشمل الطب والعمار وصناعة الحواسيب والزراعة والصناعة ومختلف نواحي الحياة.

ففي الطب يمكن صناعة أجهزة دقيقة تساعد على تشخيص الأمراض بدقة، وبنسبة خطأ ضئيلة للغاية، أكثر من الأجهزة الحالية. بل إن الخيال يجمح ليتخيل تلك اللحظة التي يتم اختراع روبوتات صغيرة يمكن وضعها في الكبسولات الدوائية الصغيرة لتقوم بتدمير الخلايا السرطانية بدون الحاجة إلى جراحة أو علاجات مكلفة أو مؤذية للجسم من نواح أخرى.

أما في الحواسيب فهي الثورة الحقيقية. تخيل أجهزة كمبيوتر أسرع آلاف المرات – أعني الكلمة حرفيًا (آلاف المرات) – من الأجهزة الحالية، وفي نفس الوقت أخف حجمًا، وأكثر صلابة، ومقاومة لعوامل التلف التي يتعرض لها الجهاز العادي.

بل إن الأبحاث التاريخية تقول بأن العرب المسلمون الأوائل في دمشق قد توصلوا لتطبيقات هذه التقنية واستخدموها في صناعة السيوف لتصبح أكثر صلابة، ولذلك اُشتهرت السيوف الدمشقية بصلابتها وصلادتها الشديدة.

ما الذي يعوق تحقيق أحلام تقنية النانو Nanotechnology

هناك بعض العوامل الثابتة التي قد تحطم أحلام البشرية في حياة أكثر رفاهية ف ظل تقنية النانو Nanotechnology أو غيرها من التقنيات الحديثة الأخرى. قد يُظَنَ أن الأمر يتعلق بعوائق تكنولوجية، ولكن الأمر غير ذلك بالمرة. بل العوائق في الأساس عوائق اقتصادية ورأسمالية بالتحديد.

لنأخذ المثال بمرض مثل السرطان. إذا وُجِدَ علاج فوري يدمر الخلايا السرطانية من أول جرعة من خلال تقنية النانو، فمن أين تتكسب شركات الأدوية؟ بل إن الشائعات تقول بأنه قد تم اختراع علاج ناجع لمرض الإيدز، ولكن تم منع تداوله بضغط من أباطرة صناعة الدواء في العالم، حتى لا يتم تدمير إيراداتهم المليارية التي يتحصلون عليها من بيع المسكنات الوقتية لهذا المرض. (ليس لديّ مصدر مؤكد لهذه المعلومة).

أما في مجال صناعة الحواسيب فتخيل معي هذا المشهد: أنت الآن أصبح لديك حاسوب سريع، قوي، خفيف الوزن، مضاد لعوامل التلف، عمره الافتراضي تقريبًا غير محدود .. ما الذي يدفعك – حينئدٍ – إلى شراء حاسوب غيره؟ لا شيء بالطبع. ستكتفي به طوال عمرك. هذا يعني أن شركات صناعة الحواسيب ستواجه فجوة ضخمة في الأرباح بسبب اكتفاء المستخدمين بالأجهزة مرتفعة الجودة المتاحة في السوق بالفعل.

إذا أردت أن تعاين تطبيقًا لهذا المفهوم، اقرأ هذا الموضوع (

حيث تحدثت فيه عن اللمبة المئوية التي عمرها أكثر من 100 عام ولم تنطفيء حتى الآن.

أو على سبيل المثال، انظر إلى إصدارات جوالات آيفون iPhone من شركة آبل Apple. في كل مرة يتم زيادة السعة التخزينية عن الإصدارات التي قبلها، بل ويتم تحسين حجم الجهاز أكثر فأكثر. هل معنى هذا أن شركة آبل ليس في استطاعتها إصدار هواتف تعمل بسعة 1 تيرا أو 2 تيرا مثلا من البداية؟ يمكنها بالطبع. ولكنها تريد أن تُبقي صفة تنافسية مهمة – مثل السعة – ككارت أخير تلعب به، وتؤثر من خلاله على رغبات المستخدمين في شراء الإصدارات الأحدث. بالطبع مع بعض البهرجة الإعلامية، والتغيير في شكل إصدارات الجهاز.

إذًا، العامل الوحيد الذي سيقف أمام أحلام تطبيقات تقنية النانو Nanotechnology هو أطماع أصحاب الشركات في جلب مكاسب أكبر من المستخدم أو فلنقل: المستهلك.

هل رأيت تطبيقات أخرى لتقنية النانو غير ما في هذا الفيديو؟