بعد الانتشار الواسع "لثقافة" الأبراج على منصات التواصل الاجتماعي، أرغب بمشاركتكم تفسيرها العلمي

تأثير فورير (و يعرف أيضا ب تأثير بارنوم نسبة إلى مقولة بي. تي. بارنوم: "لدينا شيء لكل واحد من الجمهور") هو ظاهرة نفسية تشير إلى ميل الأفراد إلى رؤية كلام المنجمين دقيق وأنها وصف شخصياتهم التي يفترض أنها صممت خصيصا لهم، ولكنها في الواقع عادة ما تكون غامضة وعامة لدرجة أنها يمكن أن تنطبق على طائفة كبيرة من الناس.

أتي عبارات بارنوم في أشكال متعددة : - فبعضها يكون ثنائي الطبقة‬ Double-headed لأنها تنطبق علي الأفراد الذين إما يكونوا فوق المتوسط أو تحت المتوسط في صفة ما ، وهي بطبيعتها تنطبق بصفة أساسية علي ‏الجميع‬ مثلا : لديك نزعة إلي تحمل قدر كبير‬ من المسئولية عن الآخرين في أوقات معينة ، و ‫قليل‬ منها في أوقات أخرى -الإشارة إلي نقاط ضعف تافهة شائعة‬ بين الناس.. علي أن تكون عديمة المغزي فيما يخص أغراض التقييم : مثل ( أجد في بعض الأحيان صعوبة في اتخاذ القرارات ) - الإشارة الي التأكيدات التي ‏يستحيل دحضها‬.. مثل : ( إن لديّ قدراً من القدرات التي لم تكتشف بعد ) .. - وعبارات مثل : لدي حاجة إلي استحسان الآخرين فهي ‏تنطبق علي الجانبين‬ ؛ فمن الذي لا يحتاج إلي نيل الاستحسان في بعض الأحيان ؟ وكيف يمكننا أن نبرهن أن شخصا ما يبدو مستقلا علي نحو صارخ وليس بحاجة ملحة و مختفية في أعماق شخصيته إلي نيل الاستحسان ؟

ويقدم هذا التأثير تفسير جزئي للقبول واسع النطاق لبعض المعتقدات والممارسات، مثل التنجيم ، العرافة، دراسة الخط، وبعض أنواع اختبارات الشخصية.

وقد لاحظ عالم النفس “برترام فورير” (B. R. Forer) أن معظم الناس يميلون إلى قبول وصف فضفاض للشخصية يصفهم بدقة، دون أن يدركوا أن هذا الوصف نفسه يمكن أن ينطبق أيضا على أي شخص آخر. خذ على سبيل المثال النص الآتي، كما لو أنه قدم لك من أجل إجراء تقييم شخصي لشخصيتك: “أنت بحاجة إلى الحب والتقدير، ولذلك تنتقد نفسك بنفسك. لديك بالتأكيد بعض نقاط الضعف في شخصيتك، ولكنك عادة ما تقوم بتعويضها. لديك إمكانات وقدرات لم تستثمرها بعد لصالحك. أنت منضبط ومتحكم في أمورك ظاهريا، لكنك داخليا قلق وغير واثق بنفسك. أحيانا تتساءل بصدق إذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح أو فعلت الشيء السليم. تفضل التجديد والتنوع، ولا ترضى بأن تحيط بك القيود والحدود. تعتز بكونك مستقلا، ولا تقبل آراء الآخرين العبثية. ولكنك وجدت أنه من غير الحكمة إطلاع الآخرين على أفكارك بسهولة. تكون أحيانا منفتحا وكثير الكلام واجتماعيا، بينما تكون منطويا وحذرا ومتحفظا في أوقات أخرى. وبعض طموحاتك تميل لأن تكون غير واقعية.” أعطى فورير اختبار شخصية لطلابه، وتجاهل إجاباتهم، ثم أعطاهم النص أعلاه. وطلب منهم إعطاء علامات لهذا التقييم بين 0 و5، فالرقم “5” يعني أن تقييم الشخصية كان ممتازا، والرقم “4” يعني أن التقييم كان مطابقا للشخصية بدرجة أقل من الأولى، وهكذا. وكان متوسط الدرجات المحصل عليها في القسم هو 4.26. كان ذلك عام 1948. وأعيد الاختبار مئات المرات مع طلاب علم النفس وكان المعدل دائما يقارب 4.2. تمكن فورير من إقناع الناس بأنه قادر على تخمين طباعهم بنجاح، وقد فاجأت دقته الأشخاص الذين خضعوا لتجربته. على الرغم من أنه قد أخذ تحليل الشخصية ذلك من عمود للتنجيم بمجلة ما. ويشرح تأثير فورير على ما يبدو، ولو جزئيا، سبب تصديق الكثير من الناس للعلوم الزائفة. كالأبراج والتنجيم وكشف البخت والكهانة…لأن هذه الممارسات تعطي تحاليل دقيقة للشخصية. وتشير الدراسات العلمية أن العلوم الزائفة ليست أدوات صالحة لتحديد الشخصية، لكن كل واحدة من هذه العلوم الزائفة لها زبناء راضون عنها ومقتنعون بدقتها

__________________________________________

وفي النهاية سأضيف، لا أرضى بفكرة أن يملك اكثر من نصف مليار على وجه الكرة الأرضية شخصيتي وطباعي نفسها، وبالتأكيد لا أعتقد أن حظي بأي يوم سيكون نفس حظ من وُلد في سويسرا بنفس يوم ميلادي!