الخلود فكرة حديثة في الفكر البشري، بينما كانت موجودة عند المصريين القدماء لم نجد لها أثرًا عند الحضارات الأخرى المعاصرة، لذا أتوقع أنها فكرة حديثة ناتجة عن الرغبة في الخلود الناتجة عن زيادة الادراك العقلي البشري وعدم رضاه بالموت كنهاية لمسيرته، بالضبط كما لم يقبل بعدم معاقبة الظالم في الدنيا.

بدأت محاولات بحث الانسان عن الخلود خارج هذا العالم، حيث كان الايمان الدافع الاقوى لديه، ولكن مع تطور الزمن زاد استخدام العقل فحاول البحث عن طريقة علمية تحقق الخلود، وبدأت الأساطير عن إكسير الخلود وينبوع الشباب وبعض الاكار الفلسفية، ثم ازداد الامر علمية فبدأ العلماء محاربة الشيخوخة بل حاولوا عكسها! وما زال البحث عن الخلود يتجه أكثر ناحية العلم ويبتعد أكثر عن الغيبيات والدين، ولكن من الغريب أن هنالك فكرة واحدة في الخلود لم تتأثر بالزمن فظلت كما هي منذ بدايتها وهي رغبة البشر في تخليد ذكراهم بعد مماتهم، فيقرر الانسان ان يترك بصمته في هذه الدنيا قبل ذهابه، ربما بسبب غروره او رغبةً منه في معارضة مجرى الطبيعة لان طبيعته قائمة على معارضة الطبيعة!

لذا تجد الالاف من الناس الذين يرضون بالخلود عن طريق تخليد ذكراهم ولو كمعلومة اثرائية في كتاب مدرسي مهما كانت انتمائاتهم أو أديانهم، ربما هذه الفكرة البسيطة التي يشترك فيها جميع البشر له معنى أعمق، ربما هي مفتاح لفهم ما "يوحدنا" في عصر مهتم فقط بما "يميزنا" عن الآخرين، ربما هذا الايمان الشعبي العام البسيط بهذه الفكرة البسيطة هو مظهر لالية أكبر ونظام أضخم يعيش عليه الانسان يعرف نفسه فيه من خلال علاقاته مع الاخرين وتعرف الاخرين عليه، ربما الخلود الديني الذي بحثت عنه الاديان لا يختلف كثيرا عن هذه الفكرة، ربما.

وأنت ما طريقك إلى الخلود؟