بعد نهاية الحرب العالمية الاولى, كان الاسلام بالنسبة للعرب و بقية الشعوب الاسلامية هوية ثقافية اكثر من كونه ايدلوجية اجتماعية او سياسية(مثل الدين المسيحي حاليا)

معظم تعاليم الدين الاسلامي و لباس المرأة السائد (البرقع) كان عبارة عن عادات و تقاليد اجتماعية

فقد كان شرب الكحول امر غير منبوذ اجتماعيا خصوصا فبالمناسبات كحفلات الزفاف الشرب و حضور الراقصات امر شائع جدا, البغاء كان منتشر بل مقونن في بعض المناطق(كمصر)

التيارات السياسية المهيمنة كانت علمانية و تنقسم الى قومية و ليبرالية(الطبقة الحاكمة) و يسارية/شيوعية و سط غياب تيار ديني سياسي حتى قيام جماعة الاخوان عام 1928 في مصر و التي لم تكن ذات شعبية كبيرة في بداياتها

التيارات العلمانية(حتى بالنسبة للعلمانيين المسيحيين و الدروز و العلويين) لم تكن تعادي الدين بل تعتبره جزء كبير من الهوية العربية

مع مرور الوقت و حصول تحديث اجتماعي خصوصا في الخمسينات ازداد انحسار التقاليد الاسلامية خصوصا في النساء, فمعظم (او ربما جميع) المتعلمات و الجامعيات العربيات كانوا بدون غطاء رأس و لا تميز بالمظهر عن نظيرتها الاوربية

اسرائيل كانت تواجه قوميا و سياسيا فهي تعتبر مشروع استعماري غربي

النقطة الفاصلة هي حدوث الانقلابات العسكرية في اهم الدول العربية مصر سوريا و العراق, اصبح نظام الحكم عسكري بوليسي مع تبني الفكر القومي و استئصال الليبراليين و اليساريين(سياسيا على الاقل) و ايضا استئصال الاسلاميين(الذين تحالفوا معهم بالبداية)

تم قتل الاختلاف السياسي و تعدد الاراء و الصحافة اصبحت مجرد بوق للحاكم(كان هناك حركة فكرية و صحافية قوية قبل هذه الانقلابات)

سيطر الحاكم(و مناصريه) على الحياة الاجتماعية فلم يبقى للناس احزاب او نقابات باستثناء الجوامع(التي حاولوا السيطرة عليها ايضا)

وقام القوميين العرب بتعظيم و احاطته بهالة من القداسة للتاريخ الاسلامي و شخصياته فهم هزوموا الغرب و حرروا القدس من الصليبيين و نحن القوميون سنحررها من الصهاينة

تم ذلك عبر الكتب المدرسية و الجرائد و الاذاعات و عبر افلام تاريخية ك "الناصر صلاح الدين" و "وا اسلاماه"

اصبح عبد الناصر (العسكري القومي) زعيم و معبود العرب فهو يواجه الغرب و سيوحد العرب و سيرمي اسرائيل بالبحر

مع هزيمة 1967 تبخر كل ذلك ببضعة ايام, فشل المشروع القومي فشلا ذريع

اتاح هذا الفشل المجال للتيارات الليبرالية و اليسارية و الاسلامية للعودة الى الساحة اجتماعيا على الاقل

يذكر متولي الشعراوي(رجل دين مصري مشهور) انه سجد لله شكرا على هزيمة 1967 التي مثلت ايضا هزيمة المشروع القومي العربي ممثلا بناصر

فالتيار الاسلامي كان الرابح الاكبر, واصح حال العرب مقتنعين (لقد هزمنا نحن العرب بسبب ابتعادنا عن الله و دينه و لا بد من العودة للدين ليعود لنا المجد و القوة كما كان حال اجدادنا)

مما ساعد اكثر على انتشار التيار الاسلامي, دعمه من الحكام فالسادات استخدمه لمحاربة الناصريين و اليساريين, نفس هذا الامر حصل في الجزائر و كذلك صعود الخميني للسلطة بايران

و الامر الاخطر اميركا اعتبرت الدين اكبر حليف في دول العالم الثالث لمحاربة الشيوعية سياسيا و فكريا

فعبر السعودية و باكستان تم دعم الاسلاميين بقوة و ارسالهم لافغانستان لمحاربة السوفييت بدعم اميركي مباشر

مع انسحاب السوفييت و تفكك بلدهم, ثم هزيمة صدام(القومي) عام 1991

انتصر التيار الاسلامي انتصار ساحق اجتماعيا وثقافية فلا صوت يعلو فوق صوتهم

ثم انتهى شهر العسل بين الانظمة العربية و اميركا من جهة و الاسلاميين من جهة اخرى

لتبدأ المواجهة بينهم التي توجت في احداث 2001

لتستمر المشاكل الى الان.