لم يكن الانسان يومًا أكثر حيرة مما كان عندما أكتشف العلم الحقيقي، ومنذ ذلك الوقت والانسان يغرق في ظلمات الجهل، ويعترف بجهله ف"كلما أزداد علمًا أزداد علمًا بجهله"، لا أجد أي تفسير لهذه المقولة، فمن الناحية النفسية فكلما ازدادت البشرية علمً وتقدمًا ماديًا تأثرت روحه وزادت مشكلاته النفسية وعادة ما يكون هذا لطبيعة التقدم الحضاري المادية المضادة للطبيعة النفسية للروحانيات، الروحانيات ليست مجرد اختراع اكثر من كونها حاجة ولد بها الانسان، الحاجة النفسية الروحانية قد تكون معنا منذ بداية وجودنا على هذه الارض، بعيدًا عن التفسيرات العلمية الجامدة لها فنحن ما زلنا نشعر بها، نحن مبرمجون عليها، هذه الحاجة كانت في أوجها في طفولة البشرية ومع تطور المادية تغيرت تفسيرات الناس لها حتى وقفت المادة والروح جنبا الى جنب بنسبة ٥٠٪ لكل منهما، فظهر التصور الاصح للروحانيات والاقوى في شكل الدين، قد يكون تصور غير صحيح، ولكنه وسطي كفاية، وهكذا مع التقدم الحضاري للبشرية ازدادت نسبة سيطرة المادة على عقول البشر، ومعها قلت نسبة الروح، ولكن الروح استطاعت الصمود حتى نسبة معينة، بالتأكيد الميزان الخارجي للبعض كان يخالف احيانا النسبة المنتشرو في عصره لاسباب شخصية وليست جماعية، ولكن التغير الحقيقي يأتي من الاسباب الجمعية، حتى وصلنا لعصرنا الحالي التي نجحت فيه المادية في الهيمنة على الروح، واختلت النسبة.

لا ندري حقًا ما نفعل، الدين لم يتطور كثيرا بعد محمد، بل محمد أتى ليجزم بأنه الأخير، وكأن الدين أم تحاول فطم ابنها البشري، فتود أن تتركه ليعالج مشاكله بنفسه، فتفتح له باب الاجتهاد العقلي، وتخبره انها لن تساعده مجددا، وان تعاليمها لن تتغير، لانه بلغ الان ويمكنه اكمال حياته بنفسه، قد يكتشف انها قالت أشياء خاطئة، ولكنه لن يدرك فورا أنها من منظور اخر، ولذلك ليست خاطئة، لن يدرك الانسان فورا أن الدين لا يعيش في عالمه، ومنظوره للأشياء مختلفة، هي تنظر لعالمك من وجهة نظر خارجية وتحاول شرحها لك ببساطة، حتى تصل انت للتفسير المعقد والمعادلات، مثل ام تحاول تعليم طفلها، ولكن الطفل كبر ولم يرى امه من ١٤٠٠ سنة فهل ينساها؟ ما زالت لديه تعاليمها فهل يكسرها؟ هل هذا ما تريده الام؟