" الظلم في أي مكان هو تهديدٌ للعدالة في أي مكان!"

مارتن لوثر كينغ


هذا الدرس بالغ الاهمية ، يُكرره لنا التاريخ في كل مرة و لكننا نأبى تعلمه. فعلى سبيل المثال عندما صدر قرار بحل الأحزاب السياسية المصرية في الخمسينات ، التي كان وجودها أحد أشكال الممارسة الديمقراطية ، فإن فريقاً لا يستهان به من الحركة الإسلامية رحب بالقرار وقتئذ ، و هتف بعضهم بعبارة " و هزم الأحزاب وحده ". و لم يدرك هؤلاء الا في وقت متأخر ان الحرية لا تتجزأ ، و أن غياب الغياب الديمقراطية الذي تمثل في الغاء الاحزاب السياسية لا بد و ان يؤدي الى تصفية الحركة الاسلامية ايضا. و ذلك ماحدث بالفعل ، حتى كان نصيب الحركة الاسلامية من التصفية أضعاف أضعاف أنصبة الآخرين مجتمعين !

و حين قصّر السوريون في قطع الطريق على الانقلاب الذي حركه حزب البعث عام 1963، دفعوا الثمن في حماة بقتل أربعين ألفا، وتدمير نصف المدينة، وحرق أناس على قيد الحياة؛ وحين لم يفعل السوريون شيئا أمام كارثة حماة دفعوا الثمن أنهارا من الدماء في أحداث الثورة على مدار اكثر من 6 سنوات...

و مع حلول الذكرى الرابعة لمذبحة رابعة العدوية، لم يجن المصريون على مدار أربع سنوات كاملة إلا الموت الذي أصبح قريباً من كل واحد منهم إلى درجة غير مسبوقة. ولم يعد هناك منزل أو شارع أو حي أو قرية أو مدينة في مصر إلا تحتوي على أحد ضحايا السفاح السيسي، سواء قتلته الميلشيات في الشوارع أو بسبب الإهمال، أو المرض....كما انهار الجنيه المصري و انهارت معه القدرة الشرائية للمواطن البسيط و اصبح الاقتصاد المصري على كف عفريت ... و مزال امام المصريين الكثير ليدفعوه ثمناً لسكوتهم عن الانقلاب و جريمته في رابعة ، اما العلمانيين و السلفيين الذين باركوا الانقلاب فستنالهم لعنة اكبر و سيعاقبهم التاريخ مهما طال الزمن...

إن مصائبنا لم تبدأ اليوم بل هي نتاج بذور وتراكمات طويلة ... فانتهاكٌ واحدٌ للعدالة في مجتمعنا ورضا الناس به و الموافقة عليه يفتح الأبواب مشرعةً للتمادي والمضي في هذه الطريق المهلكة حتى نصحو ذات يوم فإذا الظلم والفساد من التجذر بحيث يصعب اقتلاعه... و حينها نلقى نفس مصير الثور الاسود ...

لقد ادرك الشاعر الألماني " مارتن نبمولر" هذا الدرس متأخرا فقال :

"في ألمانيا عندما اعتقلوا الشيوعيين لم أبال لأنني لست شيوعياً ,

وعندما اضطهدوا اليهود لم أبال لأنني لست يهودياً ,

ثم عندما اضطهدوا النقابات العماليه لم أبال لانني لم أكن منهم ,

بعدها عندما اضطهدوا الكاثوليك لم أبال لأنني كنت بروتستنتي !

وبالمقابل عندما اضطهدوني .. لم يبق أحد منهم ليدافع عني !!"