اعتلت فوق كل المدن وناطحت كل مدن العالم المتحضر في أيام عز الدولة العباسية

في كل النواحي والمجالات:

*صناعيا

*تجاريا

*اقتصاديا

*علميا

*فنيا

*أدبيا

*دينيا

*فلسفيا

*عدلا وحرية

*كانت مركز العبور والالتقاء بين الشرق والغرب

*هي فخر الحضارة الإسلامية ونبعها

*أنتجت اتجاهات سياسية عريقة

*صنعت المجد وحافظت عليه لقرون وقرون

وملأت العالم وامتلأت بالآمال والأحلام والرغبات والنزعات والاتجاهات، حافظت على تنوعها وتعددها، لا أعرف مدينة بها بشر بجمال بشرها

فقد كان الناقد يساعد أهل مذهبه في نقد غيره وإذا لم يجد من ينتقده انتقد من أعانه وساعده وإذا لم يجد انتقد نفسه وانتقد من الأكابر للأصاغر، هي مدينة المجد والرفعة، حتى بغداد رغم حداثتها ونهضتها فهي كانت بقوة الملك والمال ومع ذلك بقيت البصرة هي المتفوقة حتى في صرف المال.

ففي بغداد تبني بيتا بمئة ألف، أما في البصرة فإنه لن يكلف حتى خمسين ألفا!!

فيها ألوان الحياة ومشاربها ومذاهبها من بشر وحيوان ونبات وعلم ومأكل ومشرب وبذخ ونعمة وفن ومعالم وعلوم شتى وهي من أبدعت الاتجاه العقلي وقامت بتركيبه في شتى المجالات وسيرته سيرته في كل مكان أمكن لها

بعكس كوفة النقل "ففي البصرة مذهب عقلي + اتجاه عقلي" أما الكوفة فسيطر عليها أهل النقل وهم من يسميهم الجاحظ "النابتة" أي النشء الصغار والأحداث، ففي الكوفة" أهل الحديث + الإثنا عشرية" وهم طول وقتهم في نزاع غير مثمر وفي تفاصيل عجيبة غريبة وللمعلومية فإن مذهب البصرة العقلي ترك أثرا بالغا وقويا في المذهب الزيدي رغم أنه "شيعي"!! لذلك لا تجد عند الزيديين أي من خرافات بقية المذاهب الشيعية وحتى بعض السنية، أما البصرة فالاتجاه العقلي يتعرض للمذهب العقلي ويحتك به ويتواجهان في معارك جميلة وكلاهما في نزاع عظيم جميل مثمر، وهذه المدينة كما نعلم أنها مدينة عربية أصيلة حتى في عمرانها وخطها وتخطيطها وإن كان قد دخل لها تنوع بقية الحضارة وهذا هو الطبيعي فالحضارة تركيبية بنائية ولا يمكن تشكيلها فقط بالاعتماد على الموروث او المنقول دون إدخال مرئيات منوعة وجميلة وإلا كانت حضارة ناقصة هذا إن عدت ضمن نطاق الحضارات فلا يمكن إيجاد حضارة منغلقة مبدعة ولا بد أن يدخلها تعديلات وإضافات تجعلها حراكية ناضجة، ونمط تقسيمها العمراني القديم"البصرة" كان قبليا وبالطريقة القديمة في تمدن اهل الحرب والبدو، ومع ذلك اعتقد انها بدخول الهنود والفرس والروم واهل ناحية الصين وناحية إفريقية غيروا الخارطة القديمة.

كان خراج العراق يقدر بعشرات الملايين "في عهد الأمويين والعباسيين" أكثر من نصفها من نتاج البصرة العظيمة، مركز العالم ومنطقة فيها من كل أجناس العالم وكل ما فيها جميل ويكفيك منها أن تجد الجاحظ ابنها الوفي العظيم ويكفيك منها أنها منبع مذهب الاعتزال وأنها أهم من حضن النحاة وأسس العروض وأطلق المنطق وأسس لحضارة لا تقدر بثمن، ولكن أين هي اليوم؟

أين مجدها أو بالأصح أين أجد مثلها؟

هل توجد مدينة عربية اليوم بنصف جمائل ومحاسن هذه المدينة الأروع والأقرب إلى قلبي؟

أين البدائل؟ من أين نسترجعها؟ وهل من بصرة جديدة اليوم تبصرنا بأحسن البصائر؟