السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإنسان على ضعفه ومحدوديته يظن أنه كل شيء وأنه هو الكل بالكل وأنا ما سواه ليس بشيء لكن عندما يتعلم الإنسان وتزداد معرفته يعلم كم هو صغير في هذا الكون الفسيح ويدرك أن ما يعرفه لا يساوي 1% مما يجهله.

ولهذا فالإنسان الواعي بغض النظر عن عقيدته (دينه ومذهبه) حتما سيدرك بوجود غيبيات لم تدركها حواسه ولا يستطيع أن يعمل عليها قوانينه العقلية التي استنتجها بناء على ما هو مشاهد ومحسوس في عالمه اللاغيبي الصغير

ونحن كمسلمين نؤمن بالغيب وهذا جزء أساسي في الدين لا يتم إيمان المسلم إلا به

وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم عن بعض هذه الغيبيات

كالملائكة

والجن

البعث بعد الموت

والجنة

والنار

غيرها من أمور

وفي تصوري أن أصعب هذه الأمور الغيبية من جهة قبولها وتصديقها هي مسألة البعث بعد الموت

فالإنسان يرى البشر يموتون ويرى الشجر تموت ويرى الحيوانات تموت يرى ذلك كل يوم تقريبا ومع ذلك لم يرى أي شيء منها يعود للحياة بعد موته

وكذلك الإنسان يرى كيف يصير الميت جثة هامدة لا حركة فيها تتاكلها الدود وتبقى العظام لتتفتت بعد فترة من الزمن

فيشعر الإنسان في داخله ووفق ما يشاهده أن الموت هو النهاية الأخيرة ولا شيء بعده

وبعد كل هذا مطلوب من هذا الإنسان أن يؤمن بأن ما مات سيحيى من جديد ويعود على ما كان وهذا في تصوري أمر صعب وصعب جداً

ولذلك من رحمة الله عز وجل بهذا الإنسان أن أوجد له دليلاً قويا ظاهراً دلالته بينة كالشمس في وضح النهار تجعل هذا الإنسان يتقبل ويقتنع تماما بغيبية البعث بعد الموت

وهذا الدليل حجته ودلالته غير مرتبطة بمستوى علمي معين

بل هو دليل ظاهر على الصغير والكبير والعالم والجاهل والذكر والأنثى

فما هو هذا الدليل؟

الدليل ببساطة هو تجربة موت وبعث بعد هذا الموت يعيشها الإنسان في حياته يعيشها كل يوم وليس له خيار إلا أن يعيشها

أنه النوم (الموت الأصغر)

فكل إنسان ينوم

وفي نومه يخرج الإنسان بشكل كلي عن حياته ويغيب عن هذا الكون تمام ويصبح في عالم جديد له قوانين مختلفة غير قوانين عالمنا الحسي المشاهد

فلا يشعر الإنسان بالوقت ولا يشعر بكل ما حوله وقد يرى الإنسان أحلام ورؤى في منامه ويعيش حياة أخرى تماما عن واقعه ويحسها وقت نومه كأنها حق لا شك فيه

ثم ما يلبث الإنسان أن يبعث من جديد ويفوق من نومه ويرجع مجدداً إلى عالمه الحسي الذي يعرفه

وتتكرر تجربة النوم (الموت والبعث) للإنسان كل يوم

فكيف بعد كل هذا يتشكك إنسان في البعث ... فعلاً أتعجب

تفكروا في الايات الكريمة التي ربطت النوم بالموت

1- اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حينَ مَوتِها وَالَّتي لَم تَمُت في مَنامِها فَيُمسِكُ الَّتي قَضى عَلَيهَا المَوتَ وَيُرسِلُ الأُخرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ

الآية 42 من سورة الزمر

2- وَهُوَ الَّذي يَتَوَفّاكُم بِاللَّيلِ وَيَعلَمُ ما جَرَحتُم بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبعَثُكُم فيهِ لِيُقضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيهِ مَرجِعُكُم ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ

الآية 60 من سورة الأنعام

ما رأيكم بهذه الخاطرة؟

محبتي