في صباح اليوم بينما كنت متوجهةً للعمل، و كجزء من روتيني اليومي الاعتيادي صعدت للحافلة التي كانت شبه ممتلئة مما اضطرني للجلوس بجانب رجل ربما ناهز الخميسن من العمر.

بينما كنت أطالع المناظر من النافذة أحسست أن هناك شيئاً غريباً، فالرجل بجانبي يبدو كأنه يتحدث مع شخص بصوت خفيض، لم يكن يضع سماعات الهاتف الخليوي، و لم يكن هناك أي شخص بجانبه يحادثه، لم أكن سوى أنا و علامات الإستغراب بدت عليي.

طوال رحلة الطريق التي استمرت ما يزيد عن عشرين دقيقة ظل يتمتم بصوت منخفض و يومئ برأسه كأنما يوافق شخصاً على شيء ما ثم يقوم بعلامات بيده كأنه يرسم شيئاً بالهواء، ثم يصنع أشارة بيده كأنما يطلب من أحد ما الصمت.

فكرت لوهلة....يجب علي أن أغير مقعدي لأجلس بجانب شخص أقل جنوناً...

ثم اجتاحتني فكرة أخرى منعتني تماماً من تغيير مكاني...ماذا لو لم يكن هذا الشخص مجنوناً...ألست أنا بكل طباعي العصبية قد بلغت حد الجنون و ربما فقته بنظر آخرين، ألا أقوم لا إراديا أحياناً بالحديث مع نفسي سواءً بصوت عالي أم خفيض...وإن لم يكن هذا جنوناً، و أن كان، ما الذي يجعله بهذا السوء لماذا يجب أن يشعر الآخرين الأكثر إتزاناً بعدم الراحة؟

ثم فكرت إذا كان هذا جنوناً، و إن كنت وصلت حد الجنون أو أوشكت أليس من الأجدى إعتزال المتزنين عقلياً بما أنهم أكثر عقلانية، رغم ذلك، يتصرفون بطرق لا تنم عن الصواب...

ربما من الأجدى أن أعترف بالجنون و ألازم زملائي المجانين الذين لن أؤاخذهم بأفعالهم و تصرفاتهم,..