تعديل..هل الحياة يتساوى فيها مقدار التعاسة و السعادة لجميع الأشخاص؟

باختصار لا.


لست أنا وحدي من يتسائل :"لماذا حصل هذا لي؟" أو "لماذا الحروب؟" أو "ما الحكمة في مرض فلان؟"...

بالرغم من أني وصلت لقناعة أن لكل شيء سبب إلا أن العدل في توزيع حصص الألم و السعادة أرقني لفترة طويلة إلى أن خلصت الى ما يلي..


  • من البديهيات في هذه الحياة أن الأشياء تدرك بأضدادها فلولا المذاق الحلو لما ميزت المذاق المر ولولا التعاسة لما عرفت السعادة. و لكن هل هذا يعني أن الجميع يمر بوقت عصيب بنفس الشدة؟ السعادة ناقصة للجميع هذا أمر معروف و لكن النقص أشد على البعض دون غيرهم،

اذا كان الجميع يتعس بنفس الشدة اذا لماذا يولد طفل مربض ليعاني الألم لبضع سنين قبل أن يتوفى بالنهاية مسبباً لا شيء سوى الكثير من الألم لأهله عدا الألم الذي لقي منه الشيء الكثير؟ اذا كان هذا سيقويه و يوعيه، ما وجه القوة و الوعي الذي سيحظى بهما اذ توفي في سن صغيرة جداً؟ كأنه لم يخلق سوى ليعاني الأمريين.

حسنا النظر الى شخص بحد ذاته لا يعطي سوى رؤية ناقصة، لذلك يجب النظر الى المحيط الذي تفاعل معه بأكمله، الأهل الأصدقاء الخ، الأمر أشبه بالنظر لخيط واحد لوحده لا يعدو كونه خيطاُ لا أكثر و لا أقل و لكنه بالحقيقة جزء من نسيج كامل.

أحياناً يجب أن نخطو للخلف لندرك التركيب المعقد للأحداث و الأشخاص و المواقف التي تتشابك بحدة لتصنع شيئا منطقياُ لن ندركه سوى بعد حين.

فالطفل وحده من المثال قد يخلق أثراً يمتد للمستقبل كأن يغير الأهل شيئاً من تعاملهما مع إخوته أو بعضهما فيكون مجرد قدومه و ذهابه يتلخص في ربط الأهل بطريقة أفضل ببعضهما.

حسناً ماذا عن مصير الطفل هل هذا من العدل أن يأتي ليعاني فقط؟

ربما اذا نظرنا لحياته القصيرة المؤلمة لشككت بعدل هذا الأمر، إلا أن ما ننساه عادة هو الحياة الأخرى التي تنتظره بعد الموت، تتوازن كفتي الحياة و ما يعدها بطريقة عادلة جداً في النهاية بطريقة الله أعلم فقط بها. بحيث تصبح السعادة و التعاسة حصة واحدة متساوية للجميع اذ جمعنا الحياة و ما بعده معاً.

  • المشكلة التي وجدتها بهذا السؤال هو مقياس العدل البشري، المهترىء الذي لا يقيس العدل سوى إن كنا نربح على الدوام، أو كان الحظ بجانبنا دائما، و يزيد من اهتراء مقاييس العدل المعلومات القليلة التي نملكها، جل ما نعرفه الماضي و الحاضر أما المستقبل فهو لا يغدو كونه توقعات قد تصيب أو تخيب، الوظيفة قد لا تكون وظيفة أحلامك بالنهاية أو الرحلة التي وددت الذهاب إليها لن تكون امنة...،التسليم بأن ما يحصل هو أفضل ما يمكن أن يحصل هو أفضل من لوم الظروف السيئة التي تحدث، بالنهاية أنت خيط متشابك مع خيوط أخرى لا تبدو منطقية إلا اذا التحمت بقطعة واحدة.