هل شعرت يوما بلذة الخوف؟! وهل لاحظت أن الناس يستمتعون بالخوف أحيانا؟! وهل الخوف ضرورة إنسانية نحتاجها بين الفينة والأخرى؟! وهل رغبت يوما أن تكون خائفاً بعض الوقت وأنت راض كل الرضا عن هذا الخوف، مستمتعا به وراغبا في المزيد منه؟!

قد تستغرب هذه الأسئلة التي لم يسبق لك أن تساءلتها بينك وبين نفسك، ولك الحق في ذلك، فمن ذا الذي يستمتع بالخوف أو يرغب في العيش فيه؟! والجواب: أكثر الناس! لأن الخوف أو الحاجة إلى الشعور بالخوف تبدو وكأنها غريزة أساسية عند بني البشر لا يمكن أن يستغنوا عنها أو يعيشوا دونها!

كيف ذلك؟! سأحاول أن أشرح لك: لو ذهبت إلى أي محل للفيديو، ستجد عنده مجموعة من المجلدات تحوي أسماء الأفلام المتوافرة لديه، وسترى مجلدا للأفلام الكوميدية، وآخر للأفلام التراجيدية، وتحتهما أو فوقهما مجلد لأفلام الأكشن وآخر لأفلام الخيال العلمي، بجانب هذه جميعا ستجد مجلدا ضخما مخصصا لأفلام الرعب، وحسب كلام أصحاب المحال فإن أفلام الرعب هي الأكثر طلبا، والراغبون في اقتنائها من كل الأعمار، وهم مستعدون لدفع المال مقابل حصولهم على لحظات من الرعب والخوف تقدمها لهم هذه الأفلام، ولابد أنه شعور ممتع ورائع، وإلا... كيف يدفع المرء ثمنا له من جيبه!

وإن لم تقتنع فتوجه إلى أي مدينة للألعاب، وأنا أضمن لك أنك لن تجد زحاما كبيرا إلا على الألعاب التي تثير الخوف في قلوب الزوار كقطار الموت، أو الجندول، أو غيرها من الألعاب التي تسمع من بُعد صرخات من يشاركون بها، فما الذي تقدمه هذه الألعاب للناس كي يتزاحموا عليها هذا التزاحم الشديد؟!

لا شيء سوى لحظات من الخوف والرعب يذهبون إليها بملء إرادتهم دون إجبار من أحد وهم فرحون راضون، ليقفوا في طوابير طويلة من أجل جرعة من الخوف الممتع اللذيذ، يركبون، يصرخون، تنخطف ألوانهم، تتسارع دقات قلوبهم حتى تنتهي اللعبة، ليقسموا بعدها أغلظ الأيمان بأنهم لن يركبوها ثانية أبدا، لكنهم في المرة التالية ينسون قسمهم ويسعون إليها سعيا حثيثا!