كان ( فلان ) يعمل بالسعودية في وظيفة بسيطة , و في المساء يعمل في وظيفة أخرى, و كان همّه الوحيد = جمع المال.

لم تكن لي علاقة مباشرة به. لكنه كان مشهورًا جدًا بالبخل بين أصدقائه و أصدقاء أصدقائه؛ كان بخيلًا في مأكله و ملبسه و حتى في كلامه, و مشاعره.

كان زملاؤه يسمونه : المهلهل, بسبب ملابسه المهلهلة.

الحكايات و النوادر التي كانت تُحكى عن بخل (المهلهل), تحتاج لصفحاتٍ كثيرة.

كان المهلهل يرد على سخرية الآخرين من بخله, بابتسامة صفراء باهتة.

عندما قرر القيام بإجازته بعد 6 سنوات من العمل, طلب من الإدارة المالية إعطاءه قيمة تذكرة الطيران نقدًا ؛ ثم قام بحجز تذكرة سفر برِّي, حتى ينتفع بفارق السعر.

في فبراير 2006 , غرقت العبارة سلام 98 , و كان المهلهل أحد ضحاياها.

و لكن موته لم يشفع له عند زملائه, فلم يتوقفوا عن نسج قصص خيالية حول وفاته و هو يحاول إنقاذ حقيبة نقوده التي هي أهم عنده من حياته.

لم ننشغل كثيرًا بوفاة المهلهل, ذلك أن أمرًا أكثر أهميةً كان يشغلنا جميعًا = بطولة الأمم الإفريقية.

بعد أسابيع من وفاته علمنا حقيقة أمره من أحد أقاربه الذي جاء من ( جدة ) إلى الرياض لإنهاء بعض متعلقات المهلهل.

كان المهلهل يعمل 15 ساعة يوميًا : حتى يسدد ديون أبيه المصاب بالشلل, و مصاريف علاج والدته المريضه.

كان المهلهل يُضَيِّق على نفسه : لأن له أربع أخوات في عنقه, ينفق على تعليمهن و تزويجهن.

لم يروِ لأحدٍ قصته, و لم يدفع عن نفسه تهمةَ البخل التي رُمي بها ظلمًا و جهلًا.


كنا نجلس لنشاهد ( شوية عيال تافهين ) يرتدون ( الشورتات ) و يجرون خلف الكرة كأنَّ بهم مسٌ أو سحر, و مبارك و عائلته يرفعون علم مصر كأنها راية الجهاد, و الجماهير ( العبيطة ) تصرخ على كل كرة تدخل الشباك, , في نفس الوقت الذي كان المهلهل و ( المهلهلون ) يصرخون و هم يصارعون الموت على شواطئ مصر, و لكن صرخات مهاويس الكرة غطت على صرخات ضحايا الظلم.

الحمد لله رب العالمين : فزنا بكأس الأمم الإفريقية