هذا ما أسمعه من الناس بمجرد نطقك لهذه الكلمة..

عندكا كنت صغيرا.. كان الاهراب من أوحش ما اُبتليت به بلادنا والتي تحررت لتوها من ويلات الحرب.. كانت أمي دائما عندما أستفسرها عن هذه الكلمة المبهمة التي اسمعها فقط لدى الكبار تضع سبابتها فوق شفتيها وتقول أشش انهم يراقبوننا وسوف يذبحوننا ان تكلمنا عنهم... تقول هذا و لو كننا في بروج مشيدة...هم دائما هنا .. هم غير مرئيين يمشون بجانبك ولا تعلم.

كم ترسخت كلمة الذبح في ذهني عندما كنت صغيرا وكم خفت منها.. اموت غرقا .. اسقط من مكان عال او احرق.. خير لي ان اذبح. كنت اقارن نفسي والكباش التي اراها في العيد كيف تتخبط قبل ان تموت..

ما زاد من خوفي آناذاك أننا نسكن في غابة نائية ومنزلنا تحت جبل نسجت عنه اشاعات كثيرة حول هذا الموضوع..

كنت في المدرسة الابتدائية والمعلم يشرح الدرس وعقلي تشرد.. ماذا لو هجموا على بيتنا وذبحوا أمي الآن أو ذبحوني أنا عندما أعود الى المنزل الذي كان بعيدا عن المدرسة.. سامح الله أمي الأمية التي لم تحترم صغر سني للحديث عن هذه الأشياء أمامي... كم سهرت من اللّيالي بالبكاء بالتفكير فقط أنهم سوف يهجمون علينا و يذبحوننا واحدا تلو الآخر أو يهجمون على قريتنا بعد ذهابي الى المدرسة ويحيلونها خرابا. (والله دام هذا التفكير سنوااات عديدة وكم بكيت وبكيت)

ما أعاد هذه الذكريات الى عقلي الآن أني التقيت صديقا لي هذه اللّيلة.. وكنا عائدين الى المنزل .. قال لي ألم تسمع ماذا حدث.. ماذا؟ لقد تم توقيف أربعة ارهابيين في شواطئنا ارادوا ان يرموا الناس بالرصاص تماما كما فعلوا بتونس الأيام الماضية.. لم أدري كيف نطق فمي ب أشششش هههه لا تنطق كلمة الارهاب مجددا أنسيت أن الحيطان تسمع وترى.. لقد برمج عقلي منذ الصغر على الحذر من هذه الكلمة !