مبدئياً الجواب هو : ليس تماماً، لا هو نعم ولا هو لا. وهذا لا يعني أن لا نتصفحها على الإطلاق! بل يمكن الاستفادة منها مع التأكد من مصادرها هي نفسها.

مؤسس الويكيبديا نفسه يدعونا للتأكد والتحري عن المواضيع المنشورة فيها ، وذلك عبر هذا الفيديو.

تحوي الويكيبيديا على عدّة مقالات تمنحنا معلومات مهمة ومفيدة حول موضوع معين. و تشير الويكي إلى أنها الموسوعة الحرة التي بإمكان أي أحد تحريرها.

الكثير من هذه المقالات يحتوي على مصادر متأكد منها وبالأخص في الأمور البرمجية والعلمية والمعلومات حول الشركات – لأن الصفحة في هذه الحالة يتولاها محررون تم الدفع لهم لإخراجها بأحسن صياغة –

إلا أنها في المواضيع حول الشخصيات وبعض الأمور العامة ، و بعض المواضيع تكون الويكيبديا مصدر تضليل واضح بدل أن تقدم المعلومة السليمة.

ومصدر هذا الخلل في رأيي -وهو يتزايد يوما بعد يوم – إلى درجة أنها تحوّلت في بعض الأحيان إلى منتديات طفولية للنقاش وليست منبراً جاداً للمعلومة، مصدر هذا الخلل هو ضبابية المعايير التي تقدمها الويكي.

لنتقبس مثلاً من الويكيبديا هذه الكلمة:

“إن كلمة “مصدر” كما هي مستخدمة في ويكيبيديا تشير إلى ثلاث عناصر هي، المنشور (الكتاب، المقال)، المؤلف (الكاتب، الصحفي)، والناشر (صحيفة الأهرام، موقع الجزيرة.. الخ)، وإن هذه العناصر الثلاث هي التي تحدد مدى الوثوقية.”

في النص أعلاه يتحدثون عن المصدر ومدى موثوقيته: ولنناقش معا هذه المعايير.

المعيار الأول: النشر.

يجب أن يكون منشوراً. والنشر يعتمد على الورقي المطبوع أكثر من الالكتروني.

وفي حال الالكتروني يجب أن يكون الموقع مسجلاً ومعتمداً. لكن هذه الشروط من تفكيري ولم تَرِد هنالك أصلاً، وهذا ما يجعلك تتسائل ما المقصود أصلاً بالنشر؟ لكن بعد ضربهم أمثلة ستفهم قصدهم، المهم لدى الويكي أن يكون المصدر منشوراً. وهكذا تُحقق نقطة في مجال الموثوقية رغم أنه من المعروف علمياً أن النشر لا يمثل أي نقطة من نقاط الموثوقية.

وجهة نظر الويكي تعتمد على – أنه لو نشر خبر معين أو مقال فإن الكثير من المهتمين سيعلقون ويقرأون ويناقشون الموضوع و لو وُجد فيه خلل سيرّدون وينتقدون لهذا هم يعتبرون النشر من نقاط الموثوقية، لكن الأمر في الحياة الواقعية -للأسف- ليس صحيحاً لأنه أحياناً تنشر الجرائد والمواقع المقال ولا تقوم بحق الرد وتتجاهل كل المقالات والردود المنافية. لذلك فالنشر لا يعد -في معايير الموثوقية العلمية-  من نقاط الموثوقية لكنه يعد كذلك في الويكي لهذا قررنا أن المعايير التي تعتمد عليها الموسوعة ضبابية وهلامية وغير واضحة. أي أنها علمياً غير مقبولة لأنها مبنية على أسس متحركة وغير واضحة و لم يحددوا ما معنى أن تنشر في عصر الإعلام الجديد هذا. فمفهوم النشر اختلف وتنوع وتشعب: فهناك النشر الورقي والالكتروني و التدوين، والتدوين انقسم قسمان : مصغر كتويتر و متوسط كتمبلر وميديوم و كبير كالبلوغر والوردبرس وغيرهم.

المعيار الثاني: المؤلف الكاتب أو الصحفي.

تخبرك الويكي أنها تضع لك المصدر و أنك من يحكم على الموثوقية. أو أنها تقول أنها موثوقة ما دامت هي قد ذكرت المصدر، و أنت حسب اسم الصحفي أو الكاتب يمكنك التقييم. و لو ذهبت لصفحات الكتاب و الصحفيين في الموسوعة لرأيت أنه لا يمكنك وضع صفحة عن أحدهم حتى تكون له (ملحوظية) ومعنى الملحوظية في إدارة الويكي هي أن يكون له إنجازات تحقق صدى عالمياً أو محلياً واضحاً وتكون مسجلة – والغالب أن تكون في الجرائد أو الحصص الإذاعية أو التلفزة –  و هكذا فإنه إن لم تكن لك ملحوظية حتى لو كنت ذا إنجازات -مهما كانت- فإنك لن تدخل الويكي أبداً. والملحوظية ليست معتمدة على التوثيق بل على شهرة إنجازاتك فقط. وهذا المعيار ليس علمياً بالمرة.

المعيار الثالث: الصحيفة أو القناة أو الموقع الذي يبث أو ينشر الخبر.

لا تعتمد الويكي بشكل واضح على أي معيار علمي يفحص المواقع أو القنوات بخصوص المصداقية والشفافية. لا تعتمد على استبيانات مبنية على بحوث علمية دقيقة، ولا على معايير أخرى صحفية مهمة وموثقة، رغم وجود العديد من المعايير للشفافية والمصداقية التي نشرتها البحوث الأكاديمية و الجامعية الكثيرة والمعاهد الوطنية والدولية المختلفة.

ولو لاحظتَ كما لاحظتُ في الأمثلة التي ضربوها لفهمت الأمور على شكل واضح : يقولون هم ” والناشر (صحيفة الأهرام، موقع الجزيرة.. إلخ”

إذاً، الناشر معيار ثالث للمصداقية لديهم و هو كما قلنا ليس معياراً علمياً.

تعتذر الويكي بأنها لا تمتلك لجنة لتقصي الحقائق ولا مراجعة المقالات إذ يقوم بذلك محروون منعدمو الكفاءة أغلب الاحيان وليسوا متخصصين للأسف الشديد.

و للإشارة فإن هناك معايير عربية رائدة لهذا الأمر تمّت تحت دراسات علمية محكمة وموضوعية قدر الإمكان نترككم للاستفادة منها جدا في هذا الرابط: معايير مرصد الإعلام الأردني (أكيد). وقد استفدت من بعض معاييره في نقاش معايير الموسوعة و انتقادها علميّاً.إضافتي لإدارة الموسوعة هي “لو كنت تبحث عن المصداقية فعلاً، ففي وقت تضع شرطاً للموثوقية تسميه ‘الناشر’ يجب  أن تضيف: ناشراً ذا موثوقية على مقياس كذا. ولأن الموثوقية لها معادلات وحسابات واضحة : هناك مكاتب استشارات معتمدة وعلمية وشركات تحتوي ملفات مهمة وموثقة ومن هذه المعاهد والشركات (المعاهد الوطنية للتقييس او القياس الموجودة في كل البلدان والمنظمات الحكومية غير الربحية والمراصد والجمعيات) وهي التي تهتم بوضع القياسات و الأوزان والتقاويم والمعايير المناسبة للأشياء بما فيها معايير الصحافة والمقالات والموثوقية والمصداقية.

و بعد اطلاعي على الكثير من المقالات في موسوعة الويكيبيديا، ثم على السياسية التحريرية والموثوقية على صفحة الويكيبيديا نفسها الرسمية ظهر لي وبوضوح أن السياسة التحريرية والموثوقية غائمة أو غائبة، و مبنية على مفاهيم مذكورة في بنودهم لكن لا تعريف واضح لها أو تعريفها ليس علمياُ أصلا ، وذلك لعدة أسباب:

  • عدم موضوعية المحررين، و عدم موضوعيتهم واضحة في عدة مواضيع.

  • إعطاء صلاحيات إدارية أكبر للمحررين الإداريين مما يتعارض مع بنود (الاستقلالية) التي تدعيها. “مشكلة الاختيار للمحررين ومشكلة التخصص”.

  • الويكيبيديا ليست مستقلة، المشكلة ليست في الاستقلالية فقط فالمحررون ذوي الأقدمية لهم سطوة الآن وهذا ما يقلل من فعالية الموضوعية و التحقّق من المصادر.

  • افتقاد المعايير العلمية المحكمة والموضوعية في تسيير النقاشات وتحرير المقالات.

و للإشارة فإن هناك معايير عربية رائدة لهذا الأمر تمّت تحت دراسات علمية محكمة وموضوعية قدر الإمكان نترككم للاستفادة منها جدا في هذا الرابط: معايير مرصد الإعلام الأردني (أكيد). وقد استفدت من بعض معاييره في نقاش معايير الموسوعة و انتقادها علميّاً.

المصدر : موقع مقالة .