مؤخراً كنت في نقاش جميل مع إحدى الصديقات والتي قدمت أطروحتها للدكتوراه حول دراسة أنثروبولوجية لتطور الطعام والعادات الغذائية في المجتمع الجزائري، فكنا نتجادل حول خلفية هذه التغيرات ومن المسؤول الأساسي عنها، وبينما كنت أدافع عن فكرة أن سبب التغيرات الغذائية هو الاجتياح الرأسمالي للمجتمعات التقليدية، وتغول ثقافة الاستهلاك السريع، كانت الصديقة تجادل بقوة على أن السبب الأساسي وراء ذلك هو تراجع دور المرأة في المحافظة على العادات الغذائية التقليدية باعتبارها المسؤول الأول عن إدارة الطعام والسلوكات التغذوية داخل الأسرة، وأن ميل النساء الحديثات وتأثير العمل والاستقلالية النسبية التي بدأت تنالها المرأة مؤخرا، جعلها تميل إلى خلق عادات غذائية سريعة تتماشى مع نمط الحياة السريع اليوم، وكل هذا أعتبرته أنا منذ البداية سبب ثانوي، وأن السبب الأكبر هو النظام العام كما سبق وأشرت .

لكن المحزن أن ما خرجنا به من النقاش هو أن أسوء العادات الغذائية وأسوء الوجبات التقليدية التي كان يعيش عليها الإنسان في القدم، هي أفضل من عشرات الأكلات السريعة اللاصحية اليوم، وحتى تلك الأكلات التقليدية الشعبية التي تربى عليها أجدادنا، ونصنفها اليوم كأكلات ضارة صحياً، للحقيقة هي لا تساوي في تأثيرها وضرررها ربع ما تفعله الأكلات سريعة التحضير اليوم ، والمؤسف أكثر أننا ننحدر إلى الهاوية أكثر يوم بعد يوم في هذه المسألة .

برأيك من المسؤول عن تدهور عاداتنا الغذائية ؟