لا ننكر وجود بعض الجهود الغربية الجادة لحماية المرأة وحقوقها.

لكن وجود إسعافات أولية في مصنع تشتعل فيه الحرائق يوميًا لا يعني أن المصنع آمن.

 دائمًا ما يُصور الغرب على أنه المدافع الأول عن كرامة المرأة، 

لكن الواقع يُظهر تناقضات صارخة بين ما يُروج له وما تعانيه النساء فعليًا.

فهل نالت المرأة الغربية كرامتها فعلًا؟ 

وللإجابة على هذا التساؤل علينا أن نعود إلى الجذور الفكرية التي شكلت هذه الأفكار الغربية.

الجذور الفكرية التي شكلت الأفكار الغربية:

إن أبرز من ساهموا في تشكيل هذه الأفكار ،

هو داروين صاحب نظرية التطور، والذي يقول في كتابه أصل الإنسان:

"إن المرأة أدنى في المرتبة من الرجل، وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل."

وليس داروين الوحيد في هذا ، فهذه النظرية يقتنع بها الغرب وتُدرس في مدارسهم حتى الان،

بل وحتى بعض المسلمين يقتنعون بها للأسف.

وقد كتب في مذكراته بعدما تقدم للزواج من ابنة عمه:

"إن المرأة شيء يُحب ويُلعب معه، وهي أفضل من كلب على كل حال."

مذكرات داروين ومرفق صورة لأصل المذكرة:

 

وهذه النظرة الدونية للمرأة ليست حكراً على الماضي.

بل انعكست على الواقع الاجتماعي في الغرب، 

وهو ما يظهر بوضوح من خلال نسب صادمة من التحرش والعنف الجنسي.

كيف تعاني المرأة الغربية في العصر الحديث:

 لقد نشرت الأمم المتحدة عام 2017 خبرًا بعنوان: "الغالبية العظمى من النساء يتعرضن يوميًا لشكل من أشكال التحرش أو العنف الجنسي في تنقلاتهن اليومية."

 

وفي تقرير أُعد من عدة جهات في فرنسا، قيل إن ١٠٠٪ من النساء اللاتي يستخدمن وسائل النقل العام في فرنسا تعرضن لتحرش أو اعتداء جنسي.

 

وهذا الخبر يوضح عدد حالات التحرش والاغتصاب في رحلات أوبر في أمريكا:

 https://www.nbcnews.com/new...

وحتى في الأوساط العلمية، تشير هذه الدراسة إلى أن نصف طالبات الطب في أمريكا يتعرضن للتحرش:

 

وهذا يعكس غياب نظرة متكاملة تحترم المرأة كإنسان، ولكنه ليس غريبا عندما تكون نظرة غالبية الغربيين للنساء على أنها جسد فقط.

كيف ينظر الغرب إلى النساء؟

لقد نُشر بحث، سُئل فيه بعض الأمريكان عن أكثر صفة يُقدرونها في الرجال والنساء.

وكانت النتيجة أن الصفة الأكثر تقديرًا في الرجال هي الأمانة والأخلاق، بينما في النساء كانت الجاذبية الجسدية.

وما يؤكد نتيجة هذا البحث هي تلك الظاهرة التي تُسمى "Sugar Babies"، 

وهي قيام رجل كبير في السن باستئجار إحدى الفتيات الشابات كي تكون مرافقة له.

وقد يكون ذلك حتى بدون علاقة جنسية بينهم في بعض الأحيان، لأنهم يتعاملون مع الفتاة وكأنها ساعة، أو سيارة فارهة.

ويوجد العديد من المواقع الإلكترونية لكي تختار منها الفتاة التي تريد مرافقتها، وهذا أرخص بكثير من الزواج لديهم.

وكانت هناك إحصائيات طرحتها إحدى هذه المواقع،

تكشف أن كثيرًا من الرجال الذين يستعملون الخدمة هم من مُتخذي القرار ورجال الأعمال.

لكن تم حذفها فيما بعد، ولم أستطع الوصول لمصدر آخر لها.

ولا أظن أننا بحاجة لمصدر هنا، فكل ما عليك فعله أن تذهب إلى جوجل وتبحث عن جزيرة جيفري إبستين؛ 

لترى حقيقة غالبية مُتخذي القرار، وكبار رجال الأعمال في الغرب.

ولا يمكن أن أنسي تلك المناظرة بين حمزة تزورتزيس والملحد لورانس كراوس، 

عندما قال كراوس أنه لا يرى مانعًا أخلاقيًا من حصول علاقة بين الأخ وأخته.

مقطع الفيديو:

المناظرة كاملة لمن أراد (يوجد ترجمة عربية):

وبالطبع، لورانس كراوس متهم بالعديد من قضايا التحرش الجنسي.

المصدر:

والأسوأ أن هذا النموذج بدأ يتسلل إلى مجتمعاتنا العربية والإسلامية وينتشر كالسرطان.

انتشار الأفكار الغربية في المجتمعات العربية:

أتذكر منذ بضعة أشهر، اشترى أخي الأصغر سماعة هاتف من السوق. 

رأيت مطبوعًا على العلبة صورة فتاة ترتدي ملابس داخلية نسائية، ولم تكن ترتدي حتى سماعات! 

فما علاقة فتاة بملابس داخلية بسماعات؟

ومنذ بضعة أسابيع رأيت على "فيسبوك" شركة تعرض سيارتها للبيع، 

وفي صور الإعلان فتاة تقف بجانب السيارة وهي ترتدي ملابس ضيقة جدا تبرز تفاصيل الجسد.

بالطبع، ذهبت لقراءة التعليقات على المنشور، وكانت أغلبها إيحاءات جنسية عن جسد الفتاة.

حتى إنني أتذكر أنه قامت مجموعة طلاب جامعية بعمل حملة للتوعية ضد التحرش،

وقاموا بتعليق ملصقات، فكانت المفاجأة أن العديد من الشباب كتبوا عبارات على الملصقات مثل: "خليها تلبس كويس الأول".

وأثناء وجودي في الجامعة وسط الطلاب، لاحظت انتشار هذا بشدة، فقد كان يُقال صراحةً عن أي فتاة ترتدي ملابس قصيرة أو ضيقة إنها "عا*رة"، 

هل هؤلاء المسلمون يعرفون معنى قصف المحصنات وعقوبته؟!

ولا أستطيع نسيان هذا الموقف: كنت أشتري شيئًا من محل أكل شعبي، 

وكان عامل "الكاشير" يتحدث مع شخص آخر، وفهمت من سياق الحديث أن الشخص الآخر سيتزوج قريبًا.

وانقبض قلبي بشدة عندما سمعت "الكاشير" يقول كلمات بمعنى: "إنك بعد أن تُجامع زوجتك أول مرة، ستشعر بالملل منها"،

ولكن بالطبع كان يستخدم كلمات قذرة لا أستطيع كتابتها هنا.

وكان الشخص الآخر يسترسل في الحديث معه، فشعرت بحزنٍ ممزوجٍ بالغضب؛ 

فهذه الفتاة في منزلها، لا تعلم كيف يتحدث عنها زوجها المستقبلي مع الغرباء.

ولذلك فإن التحدي الحقيقي ليس في فرض القوانين فقط.

بل في تغيير النظرة المجتمعية التي ترى المرأة كجسد.

بالإضافة إلى أهمية تربية الجيل القادم على احترام المرأة، وهذا يقع على عاتق الأسرة.

وأرى أن الحل في إعادة اكتشاف المنظور الإسلامي الصحيح الذي كرم المرأة أماً وبنتاً وزوجةً، وحفظ لها حقوقها كاملةً.

ولا ننسى قول الرسول ﷺ في خطبة الوداع:

"استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا"