ربما يحق لي ان أزعم ان الصفة الغالبة على عقلاء هذا الزمن - وغيرهم- هي "التذمر"، الكل يتذمر، الأطباء ينقدون نظامنا الصحي، الرياضيون ينقدون كسلنا وعدم ممارستنا الرياضة ٢٥ ساعة في اليوم، الاداباء ينقدون سطحية الفكر وضياع اللغة، المشايخ والوعاظ ينقدون الزمن وفساد الحال، اهل العلم يتذمرون من تفشي الجهل وانتشار التفاهة في العالم، الفانون ينوحون على الاطلال ويرثون ايام الزمن" الجميل " عندما كان الفن رسالة - على حد زعمهم -، الغرب يتذمر والشرق يتذمر، (تجاهل عزيزي القارئي انني الان اتذمر من التذمر) لا تكاد تجد مجالاََ الا وأهله ناقمون على هذا الزمن. تنتشر كتب ومقالات عن نقد الحضارة والرأسمالية، الحداثة ومابعد الحداثة، حتى في تجمعات الشاي واثناء تناول الطعام،في المواصلات العامة واثناء التسوق، الجميع يصرخ "اه فسد الزمان! فسد الناس!" وإلخ إلخ إلخ. كيف لا يصبح الانسان متشائماََ سودواياََ وناقماً على كل شي وهو يتعرض لهذه المدخلات بهذا الزخم العنيف؟ كيف له ان لا يشعر ان هذا الزمن شر محض وان كل من على وجه البسيطة لاخير فيهم؟

ازعم ان هذا نوع من المبالغة الدرامية وإن كانت صحيحة نسبياً ولكنها احيانا تتحول لشي أقرب للسخط وتصبح مجرد عادة تشكي، اليس من الفترض ان ننظر للأمور بشكل ابسط و اقل تعقيداً، نعم زمامنا مليئ بأمور تستحق ان ننقدها، زماننا كما قال احدهم " طفرة في الفساد، اجتمعت فيه ذنوب كل الامم السابقة" وكما يقول اخر" ان الاجماع كان قديما على تعذيب الجسد ولكن الروح الان صارت هي المستهدفة" لا اختلف مع هذا الطرح تماماً واتفهمه لأن السوداوية، التعميم السلبي، وارتداء نظارة النقد اسهل بكثير من محاولة النظر إلى الجانب المشرق وهذا امر فطري فالأنسان بطبيعته" كفور" يكفر النعمة ويجحدها.. او ببساطة يغفل عنها.

لكل زمان عيوبه وطالما أننا مضطرون للعيش - وقعنا في الفخ-فنحن مخيرون اما ان نعطي الدنيا وظروفها حجماً اكبر مما تستحق وأن نسخط عليها ونبكي على مافاتنا منها او ان نحاول جهدنا ان نرى الامور بشكل اكثر اتساعاً ونخلق الأمل ولو بنسبه بسيطة.

ماهي "النعم" التي تجعلكم تحمدون الله على انكم ولدتم في هذا الزمن خاصة ؟