يقال إن المعاناة هي الثمن الذي ندفعه لنمنح لحياتنا معنى، وإن العظماء لم يصلوا إلى مجدهم إلا بعد أن أحرقتهم التجارب القاسية. تولد النجاحات من رحم الألم، كما تولد اللآلئ من جرح بسيط في قلب المحارة. ولكن، هل هذا شرط حتمي؟ أم أن هناك من يجد المعنى بعيدًا عن جحيم الألم؟
حين نتأمل حياة الأدباء والفلاسفة، نجد أن المعاناة كانت رفيقة دربهم، بل وقودًا لأعمالهم الخالدة. دوستويفسكي، الذي كتب "الجريمة والعقاب" و"الأبله"، لم يكن ليصل إلى عمق النفس البشرية لولا مروره بتجربة السجن والموت الوشيك. كافكا، الذي غرق في القلق والاغتراب، صنع أدبًا يعكس ضياع الإنسان في متاهة الحداثة. نيتشه، الذي نادى بإرادة القوة، عاش عزلةً قاسية وألمًا جسديًا ونفسيًا قبل أن يكتب "هكذا تكلم زرادشت". بل حتى إدغار آلان بو، سيد أدب الرعب، لم يكن ليستحضر رعب الوجود لولا خساراته المتكررة وإدمانه الذي قاده إلى نهايته المأساوية.
لكن، هل هذا هو الطريق الوحيد؟ هل لا يمكن للمعنى أن يُولد من الفرح والسكينة؟ أم أن المعاناة، بوعيها العميق، تجعلنا نرى ما لا يراه من لم يذق الألم؟
التعليقات