سيظل التعلق وأثره علينا هو أكثر ما يرهقنا، ويؤرق حياتنا ويجعلنا في حالة من الضغط واللاسعادة، وأظنه داء لم ولن ينجو منه أحد مهما بلغت درجة الحرص في انتقاء العلاقات، وقوة السعي في الحفاظ عليها.

في فترة دراستي لمرحلة الثانوية العامة كان لنا صديق صامت طيلة الوقت نادراً ما يتحدث أو يضحك أو يشاركنا أي نشاط لكنه معنا، وبعد ضغط عليه لنعرف السبب قال: كل من تعلقت بهم رحلوا ولا أريد أن يتكرر ألم الرحيل بكم

أخي الكبير لليوم لم يتخطى وفاة أمي منذ تسعة سنوات، أراه كثيراً يخطأ حتى اليوم عندما يدخل البيت فينادي عليها ثم يدرك أنها لم تعد هنا فيدخل لغرفته ونحن نعلم ما سيحدث بالداخل.

وحتى الصغار لا يعرفون للنجاة سبيل عندما يتعلق الأمر بالتعلق، وكأن ألمه يولد معنا، أرى الألم نفسه بعين جارتي القديمة كلما ذهبت لبيتنا القديم تخرج بلهفة ظناً أنني أحضرت أختي معي، وكثيراً ما كانت تبكي لأخذها معي إلى بيتنا حيث تجتمع بصديقة العمر.

يمكن لي أن أحصي ألف مثال من كل شخص أعرفه، ولا حاجة هنا لأن نمعن النظر حتى نبصر أثر ألم الغائبين علينا

فكيف ننجو من هذا الألم أم أن الحل في فعلة صديق الثانوية بأن لا نتعلق ابدا ؟