خرج جارنا باكراً في يوم عاصف ممطر. لاذ من الريح الشديدة والامطار بظل بلكونة لبيت قديم متهالك. سقطت عليه فأقعدته على كرسي متحرك. سمعنا من شقيقته قولها: لقد انتقم الله منه! لقد أكل ورثي لأبي وحرم عيالي منه!

هذا هو نفس منهجية التفكير الغائي الذي نتعامل به مع حرائق لوس انجلوس! أنسنة الطبيعة وجعلها تثور فتعاقبنا نحن بني البشر أو تواتينا أحداثها فتُثيبنا.

سمعت مؤخراً أن ذلك الحدث هو انتقام إلهي لأجلنا نحن العرب والمسلمين. غير أن البعض استنكر ذلك قائلين: إن هذا تفكير عفا عليه الزمن فأحداث الكون لا تحدث أو تتوقف لأجلنا نحن بني البشر! فلا السماء تمطر لأجلنا واجل سقيانا ولا الشمس تشرق لتدفاتنا ومرعانا! ولا الزهور تزهر ولا الورود تعطر الجو لتبهجنا نحن بني الإنسان! فليس نحن القصد من هذا العالم وقد أخطأ الخيام إذ يقول:

نور البصيرة نحن في عين الحِجى.... وكذاك نحن القصد من ذا العالم

هذا الوجود قد استدار كخاتم ...... النقش نحن بفص ذاك الخاتم!

فهذا تفكير قرون وسطى وقد نقده الفيلسوف باروخ اسبينوزا وقال أنّ التفكير بمبدأ العلة الغائية أدى إلى جهل البشرية إلى عهد قريب بطرق عمل الطبيعة فأخطأنا الأسباب الحقيقية وراء الظواهر. فلا يصح أن نسأل: لماذا اندلعت حرائق لوس انجلوس ولكن كيف اندلعت! الطبيعة وأحداثها ليس لها علل نهائية ترتبط بمثوبتنا أو عقوبتنا نحن البشر. فلو انقرض الجنس البشري غداً ستظل الطبيعة تعمل عملها سواء أوجدنا أم لم نوجد!

برأيكم: كيف نقنع الناس أن تكف عن طريقة التفكير بالعلة الغائية من وراء احداث الطبيعة؟!