نقاش: ما هو مصدر السعادة ؟


التعليقات

السعادة مجرد تفاعلات كيميائية؟ لو إفترضنا أن كلامك صحيح فتعليقي هذا هو عبارة عن أوامر يصدرها الدماغ لعضلات اليد كي أقوم بالكتابة وهو تشبيه ناقص وخاطئ طبعاً.

حين تتحدث عن محاولات الخداع العقل فأجد أن أقرب شيء للوصول إلى هذا الشيء هو المخدرات بأشكالها المختلفة وسوى ذلك أجد أنه لاتوجد صيغة موحدة للسعادة لأنها نسبية وتختلف بإختلاف الثقافات ويدخل فيها الكثير من المتغيرات مثل الخلفية الدينية، الثقافية، الإجتماعية إلى آخره.

العقل ليس مصدر السعادة فقط، لأنه ليس المسير لكل شيء فبدون الروح أنت لاتختلف عن الكمبيوتر الذي تستخدمه لذلك فإن السعادة قد تكون في محاولة إيجاد توازن عقلي وروحي بمعنى أخر تزامن بحيث يتفق الإثنان ولايوجد تعارض، لذلك تجد أن الأعمال التي نكرهها تجلب لنا البؤس بسبب وجود إختلال في ميزان العقل مقابل الروح، فعقلك يأمرك بقيام أمور لاتسعدك.

العكس يحدث حين تقوم بما تحبه لأن عقلك وروحك متفقتان على هذا الشيء وبالتالي تجد نفسك سعيداً.

أنت تصف جزئية من منظومة أكبر، لأن حدوث هذا التفاعل لابد أن يسبقه عدة أمور تسبب إصدار أوامر تدفع بخروج هذه الهرمونات وهي ليست أسباب قياسية وإلا أصبح من السهل "إفراز السعادة"، ما أرعجني هو نزعُك المسببات المختلفة وكل المشاعر ومايقف ورائها من معاني وقفزت إلى النتيجة النهائية وهي إفراز الهرمونات فقط.

بالنسبة لإيجاد التوازن فهو أمر عليك تغييره في نفسك لأنك لن تستطيع خداع عقلك وقلبك معاً، ولعل جزءاً من السعادة مرتبط بالقناعة وهو أمر يرفضه الكثير منا ولكن دائما تجد القنوع أقرب للسعادة من أغلبنا لأننا دائما نعيش حالة عدم رضا مستمر بسبب عدم حصولنا على مانريده في الحياة.

كنت أعرف شخصا -يرحمه الله- كان مقعدا رباعيا، بسبب خطأ طبي وهو في الـ 12 من عمره

بعد الخامسة والثلاثين من عمره تعرفت عليه من بين المئات ممن يعرفونه ويزورونه، حيث كان يرحمه الله مصدر إلهام للكثيرين

وبما أنه نسيب صديقي فقد كنت أزوره كثيرا، مقعد رباعي لا يحرك إلا يده المشوهة في مدى لا يتعدى 20 سم

لكن أكرمه الله تعالى بقوة الذاكرة وقوة الصوت، كان يحفظ من القرآن والمتون ما شاء الله، وإذا أراد الإستدلال قال : كتاب كذا ... صفحة كذا ...

المهم، كان صابرا متفائلا حليما حكيما، يستشيره الشيوخ رغم صغر سنه، والأهم من ذلك، كان يدخل عليه الحزين المهموم فيخرج من عنده راضيا فرحا مبتسما بسبب ما أنعم الله عليه من حسن الكلم

وكان بعد كل هذا مبتلى بعدة أمراض تؤرق عليه منامه وحياته، لكني لم أر أسعد منه يوما ولا أكثر منه رضى

فكيف للجسد أن يكون مصدرا وحيدا للسعادة ؟

في جنازته رحمه الله (44 سنة) حظر القاصي والداني من عدة مدن، لا لشيء إلا حبا له، وما كانوا يزورونه إلا للدرشة معه

لاحقا بعد موته، بسنوات أصبح خالا لزوجتي، أقصد أني تزوجت ابنة أخته التي كان يعيش معها في بيت زوجها

نعم، زوجتي ابنة صديقي :)

وخالها كان أسعد رجل رأيته في حياتي ...

يرحمه الله.


ثقافة

لمناقشة المواضيع الثقافية، الفكرية والاجتماعية بموضوعية وعقلانية.

96.9 ألف متابع