" الخطأ الكبير للحواس هو أنها ترسم خطوط الطبيعة بالإطار المرجعي للإنسان، لا الإطار المرجعي للطبيعة."

فالبشر عموما ميالون للاحتكام إلى حواسهم وأن يجعلوا منها مقياسا للأشياء.. وهذا ميل خاطئ، حيث أن الحواس مقياس بعيد تماما عن الثبات والموضوعية، كما أن الحواس البشرية - مهما بلغت من قوة- قاصرة عن إدراك كل شيء في الطبيعة...

وغالبا لا نرى الأشياء كما هي عليه، فعقولنا أشبه بمرآة غير مصقولة تضفي "طبائعها الخاصة" على الأشياء فتشوهها وتفسدها،

ولذلك تكون الأشياء التي تمس الحواس بشكل مباشر لها الأرجحية على الأشياء التي لا تمسها مباشرة، مهما علا شأنها، هذا ما يجعل التأمل يتوقف في كثير من الأوقات حيثما يتوقف الحس!

ومن هنا تظهر بعض الأخطاء المنطقية التي تصيب العقل البشري بشكل عام، وهي ما أطلق عليها فرانسيس بيكون " أوهام الجنس" أو " أوهام القبيلة" ، فهي أوهام جمعية، تصيب الجنس البشري كله.

ومن أبرز هذه الأوهام التي غالبا ما نقع فيها كبشر نذكر:

- نحن نصدق ما نفضله، ونرى ما نحب أن نراه، ونرفض كل ما هو غير تقليدي خوفا من رأي العامة؛ فمثلا نجد أن كل مجموعة من البشرقد انتقت لنفسها مجموعة من التقاليد والمعتقدات، وجعلتها بمثابة دستور فكري لجميع أفرادها، ويجب عليهم الإلتزام بكل ما جاء فيه!

- كذلك نحن متسرعون في التعميم، حيث نحاول استباق الطبيعة، فكثيرا لا نسعى للبحث عن أمثلة سالبة مفندة تختبر فروضنا، ذلك حتى نتمكن من تعميمها دون حرج!

- غالبا ما نؤخذ بالشواهد الإيجابية لأي رأي أو اعتقاد، ونغض الطرف عن الشواهد السلبية حتى إن كانت أكثر عددا وثقلا، ويبدو أن الدماغ البشري -بحكم تكوينه -يجد صعوبة في معالجة الإشارات السلبية أكثر مما يجدها في معالجة الإشارات الإيجابية، ويعرف هذا الخطأ المعرفي ب"انحياز التأييد"؛ أي البحث عن التأييد دون التفنيد.

كانت هذه أمثلة لأبرز أوهام الجنس البشري، التي يستطيع كل منا أن يلاحظها بنفسه، قبل أن يلاحظها بأقرانه.

فهل تلاحظون عندما تؤثر أوهام الجنس عليكم، وكيف تتفادونها؟

وبرأيكم أي من تلك الأوهام يعد الأخطر، وأيها الأكثر إنتشارا بين البشر؟