يعاني المجتمع منذ مدة طويلة من سلسلة مؤسفة جدا من التدهور وفقدان السيطرة حضاريا، عندما أقول هذا فأنا لست أعني فقط النظرة العامة الحضارية التي توصف أكاديميا فذلك أمر واضح للأسف.

ما أود حقا الكلام عنه لأنه يشعرني بضيق كبير هو: "تغير الفرد" بالمجتمع، لقد كان الإنسان العربي خاصة على مر العصور وفي مختلف الروايات التاريخية (أغلبها) إنسانا فطنا، كيسا لا يتم خداعه أو التلاعب به بسهولة، يحسب له ألف حساب. أتحدث هنا عن العقل الفردي البسيط وليس صاحب العلم الدارس للفكر. أصبح من السهل جدا استقطاب انتباهه لأتفه الأمور، وأحسب نفسي معهم لأني ضرورة أتأثر أيضا أردت ذلك أم أبيت. 

هناك قول للمفكر مالك بن نبي يقول فيه: "غير نفسك تغير التاريخ" عندما قرأته لأول مرة انتابني شعور عميق بأن ما يقوله ليس يقصد به فهما سطحيا نحفظه ونكرره لنبدو مثقفين، أقصد ليس ذلك المفهوم التقليدي... لنحاول تقريب المعنى لأرض العمل والنشاط، يعتقد بن نبي أن الحضارة ليست متعلقة أبدا بالماديات بقدر ما هي متعلقة بالإنسان.

كيف ذلك؟

على سبيل المثال، شخص يركب سيارته، ولا يوجد عقوبات لمن يرمي النفايات، يرمي قشور الموز من النافذة، ليغير التاريخ سيكون عليه عدم رميه، هكذا بدون أي شروط... لا ينتظر أي شروط لينفذ أشياء قيمية أساسية تخدم قيمه، تخيل معي الآن لو الجميع أو الأغلبية يفكرون بهذه الطريقة في كل ظروف حياتهم، يأتي بن نبي ليقول لنا أن النتيجة الحتمية هي قيام الحضارة كسنة من سنن الكون، تتقوى الكينونة الحضارية تدريجيا لتصبح لاحقا قائمة بذاتها ولها ثقافتها الخاصة وفكرها المميز، في عصرنا نحن بالذات لا ينقصنا منطق الأفكار أبدا، بل منطق الأفعال! 

بالنسبة لكم، ما هي نظرتكم للمقولة؟؟ وكيف يمكننا تقريبها لأرض الواقع بحيث نستفيد منها حقا على المدى البعيد؟