نحن البشر لا نفضل أن يتم التعامل معنا بالطريقة العسكرية افعل ولا تفعل، وإن تم توجيهنا بهذه الطريقة حتى من أقرب الناس لنا، سيكون رد فعلنا هو مخالفة الأمر حتى لو كان به من الصحة ما يكفي اتباعه، فعادة عندما تمنحني عدة خيارات وتوجهني بطريقة غير مباشرة، قد ستجدني بالنهاية افعل ما كان يتم توجيهي له بطريقة مباشرة ولكن عن قناعة أن هذا هو اختياري وقراري بالنهاية.

وهذا هو ملخص نظرية النكز أو التنبية عملية التأثير على السلوك من خلال تغييرات صغيرة في المعلومات، إنه يؤثر على اختيار شخص بطريقة غير مباشرة.

تقترح هذه النظرية أن الاقتراحات غير المباشرة والتعزيزات الإيجابية لها دور فعال في التأثير على قرارات الأشخاص وأفعالهم. وهذا المفهوم العلمي السلوكي تم تطويره لأول مرة بواسطة ريتشارد ثالر وكاس سونستين -عالمان أمريكيان- في كتابهما النغزة "Nudge": تحسين القرارات حول الصحة والثروة والسعادة (2008). لذلك، تقترح نظرية التنبيه أن التقنيات غير المباشرة يمكن أن تؤثر بنجاح على سلوك شخص ما بدلاً من التعليمات المباشرة. لذا تعد التنبيهات ذات قيمة لأن الناس يتصرفون بطرق غير عقلانية في الأساس. كيف ذلك؟!

بالأساس دماغنا يعمل بطريقتين مختلفتين، عادة في نفس الوقت ويتم التعامل مع هاتين الطريقتين بواسطة أجزاء مختلفة من الدماغ. أحدهما يسمى التفكير التلقائي والآخر يسمى التفكير العكسي أو الانعكاسي. تعكس هاتان الطريقتان عمليات مختلفة وطرق مختلفة للتعامل مع المعلومات وتشكيل الردود.

فمثلا النظام التلقائي يعتني بمعظم سلوكياتنا ويتصف إنه سريع، غير واعي ، قادر على التفكير بالتوازي (بمعنى أنه يمكنه التعامل مع العديد من العمليات في نفس الوقت)، ترابطي (يجمع الأشياء التي تبدو متشابهة معًا) ويفعل كل ذلك دون أن نستهلك جهدا كبيرا، على عكس التفكير العكسي هي عملية بطيئة، واعية، ومتسلسلة (بمعنى أن عملية واحدة فقط يمكن أن تحدث في أي وقت)، وتحليلية وتستهلك الكثير من الجهد. 

باختصار التفكير التلقائي يدير أغلب سلوكياتنا، ونحن نتبع الاستجابة لهذا التفكير دون وعي منا، إلا أن واجهنا موقفا مختلفا أو تنبيها غير عاديا هنا يتم استدعاء التفكير العكسي لتحليل الموقف من كل الجوانب واتخاذ القرار المناسب. ومن هنا جاءت فكرة نظرية التنبيه وتغيير السلوك البشري.

والسؤال هنا إلى أي مدى يمكننا استخدام هذه النظرية لتعديل وتغيير السلوكيات البشرية، وهل يمكن استغلالها بشكل سلبي؟