معاناة النباتيّّين في العالم العربي


التعليق السابق

كان لدي قطّة ذات مرّة وكانت من النوع المحبوب الذي لا يكثر من التودد أو الابتعاد، لقد أحببت القطة كثيرا ودائما ما سألت نفسي عن كيف بإمكان شخص ما أن يؤذي مخلوقا كهذا المخلوق.

ذات مرّة واجهت نفسي بأن سألت "لو وجدت نفسك في الصحراء وتكاد تموت والقطة هي الطريقة الوحيدة للبقاء حيا، هل ستأكلها ؟". تقززت من الأمر وبدأت أشك في أنني لن افعل، ومن يومها شعرت بمدى ضعف الإنسان خاصة في الأوقات الحرجة، ويمكن أن تأتي هذه الأوقات الحرجة بأشياء فضيعة كأل قطتي في الصحراء، لكن، إن كانت نقطة اللاعودة أو روبيكون كما يقال في الإنغليزية هي نقطة الإنهيار وتدمر اسس الحفاصة وإنعدام الخيار، فتأتي الفوضى وتظهر البربرية وتكون هناك ضحايا، فكيف يحدث نفس الشيء في منطقة الراحة بعيدا عن الضغط. لهذا اسأل لماذا لا يكترث الإنسان لمشاعر الحيوان وأحاسيسه ورغبته في البقاء، فلو يفّك رباط كبش العيد لهرب بحياته من الموت، أليس هذا كافيا لتمضية العيد بلا لحم، أليس جميلا رؤيته يرعى تحت الشمس مستمتعا بحياته في المراعي بدل طهيه في القدور؟.

أبا علاء المعري أبى الموت على أكل الفروج، وأنا أعتبر هذا انسانية مُزهرة بقوّة...

تحية أصلان..

دعني أبّوب إجابتي لأنها ستأخذ أكثر من منحى:

  • باعتقادك أصلان، لو كنتَ أنت وذات القطة في الصحراء، وأخذ الجوع منكما مأخذه فنأيت أنت أن تأكلها حفاظاً على حياتك، أن لا تفعل هي ذات الأمر؟

في يوتيوب ببرامج الجريمة تابعت حلقات أكلت الكلاب والقطط أصحابها حين شعروا بالجوع، أحد القصص مات صاحب البيت ولما لم يجد الكلب ما يأكله أكل صاحبه، وفي أخرى مرضت سيدة تعتني بقططها، فلم تستطع النهوض من الفراش لأيام، كانت القطط قد أكلتها حية..

غريزة البقاء صديقي تطغى، ليس عند الإنسان فقط، لكنها تفعل ذلك مع الحيوان والنبات وجميع الكائنات.

  • تخيل أن نتحول جميعاً لنباتيين، فقط أحتاج خيالك بالأمر، أتعلم أيّ مصيبة بالكون هذه؟

لقد تمّ القضاء على التسلسل الهرمي للكائنات، أن نصبح كلنا نباتيون هذا يعني فنائنا جميعاً، فأي زرع هذا سيكفي كلّ هذا الكون من البشر والحيوانات، ومهما حاول العلم الاعتماد على التصنيع سيبقى عاجزاً عن الأمر.

إن وجود التسلسل الهرمي يحافظ على توازن الكون أصلان، طبعاً لن أكرر كلمات أثق أن سواي قالها لك عشرات المرات، لكنني أحتاج منك أن تضع مشاعرك جانباً، وتفكر بالأمر من جانب عقليّ.

حيوانات تتكاثر، بمساحات محدودة وكمية أرض خضراء محدودة، ماذا سيحدث إذاً؟

  • العدل في الحكم:

ماذا أعني بذلك..حين نتكلم عن الأمر علينا أن نكون حياديين تماماً، لننسى تعاطفك مع القطط (أنا أيضاً عندي قطة للعلم وأتعامل معها كأنها طفلي الصغير، وأحب الكلاب أيضاً)، ولكن بعيداً عن ذلك، علينا أن نطالب بالمساواة بين كلّ الكائنات، أليس كذلك؟

هل تعلم أي كارثة هذا يعني؟؟

عدم قتل القوارض، عدم قتل الزواحف، عدم قتل الحشرات (كالصراصير والعقارب والبعوض)، بالَاضافة للحيوانات التي نحبها.

هل تتخيل أيّ كارثة كونية ستحدث؟ هل سيكون رأيك ذات الأمر مع الأفاعي أصلان؟ ومع الجراد؟ وماذا بخصوص العقارب؟ بل ماذا بخصوص الحيوانات المفترسة؟

هل تتخيل بيتك يفيض بالجرذان والفئران؟ هذا ما يحدث ببعض قرى الهند التي تعبد الفئران، هل تتخيل ذلك؟ أو أن تترك الأرانب دون أكلها، هل تتخيل حجم الكارثة، لا كائن يلد بقدر الأرانب أو يأكل بكمية ما تفعله، ستكون هذه أسرع طريقة للقضاء على الكون.

  • العدل في الأمثال:

وما أعنيه، راعكَ ما يفعله المسلمون بشرائعهم بذبح أضحية العيد، لكنه طقس ديني يحدث لمرة واحدة في العام، حتى المسالخ مهما ذبحت فإن النتيجة أن لحوم ما يتم ذبحه تذهب طعاماً وغذاء. (حاجة مبررة يا صديقي)،

ثم إنّ عملية الذبح لها شروط منها أن لا يرى الحيوان سكين الجزار وأن يكون الذبح سريعاً .. مهما بدا لكَ الأمر قاسياً فهو محكوم بشروط.

ولكن هل ما يحدث بإسبانيا مثلاً باحتفالات مصارعة الثيران إنساني؟ أو مصارعة الديكة أو الكلاب، هل يبدو ذلك عادلاً؟؟ لأجل المتعة فقط تقضي على الحيوان؟؟

بالمحصلة أصلان.. لا شئ يحدث دون ان تكون نتيجته توازن الكون، بشكل أو بآخر يستوجب التوازن طالما يسير بطقوس صحيحة ووفق الصحيح.


ثقافة

لمناقشة المواضيع الثقافية، الفكرية والاجتماعية بموضوعية وعقلانية.

96.6 ألف متابع