لا تزال لحد الساعة مسألة التبرع بالأعضاء مسكوت عنها في العالم العربي، ففي الوقت الذي تضع فيه الدول المتقدمة بنوكا للأعضاء البشرية، لا يزال العرب ينتظرون فتوى من المشايخ للبت في حرمة التبرع بالأعضاء من عدمها.

فمتولي الشعراوي حرّم الأمر وقال أن الأعضاء لله وليست للإنسان ليهبها، (من أين أتى بهذا المنطق ؟). وآخرون كمفتي الجمهورية المصرية السابق نصر فريد واصل أفتى في جوازه لكن للأقراب.

هنا في حسوب مجتمع يدعى "اشرحها وكأني في الخامسة" إذن لنفعل ذلك.

تخيل نفسك على سرير مستشفى موصول إلى أنابيب كثيرة تفكر في أن انقطاع الكهرباء لدقيقة واحدة سينهي حياتك بما أن كبدك تالف أو قلبك ضعيف أو بنكرياسك كذلك أيضا...يدخل الطبيب وتسأله العائلة عن رقمك الموضوع في لائحة المنتظرين للأعضاء، يكون رقمك رباعيا وطويلا جدا. سوف لن يبقى فيك أمل أبدا، وتسأل نفسك وأنت تنظر من النافذة إلى الشارع، ما الذي يمنع أحدا من هؤلاء من أن يعطني كليته ؟ أو من يمنع أهل ميت ما في مكان ما من بلدي من تقديم قلبه لكي أعيش ؟ لماذا، ما الذي سيحدث لتلك الأعضاء تحت التراب ؟ ألن تأكلها الديدان ؟ هل يؤثرون الديدان على انقاذي ؟.

في الجهة الأخرى يسأل الطبيب أهل مريض مات من فوره إن كانوا سيوافقون على نقل قلبه لمريض هو بحاجة إليه لكي يعيش، فتتشنّج وتتكفهر الوجوه وترد العائلة بسخط "لن يتمّ تشويه جثّة ابني/ ابنتي"، يقولون ذلك بدم كالصقيع، ولو رؤوا كيف تتعفن الجثة في التابوت لفضّلوا اطعامه للكلاب.

ما الذي يميز تلك المجتمعات الراقية التي صنعت لنفسها بنوكا للأعضاء البشرية تقدم به أملا لكل مريض حول العالم ؟.

المشكلة كبيرة جدا، وهي أخلاقية بقدر ما هي مرتبطة بقوانين وتوعية. فعلى عاتق الدولة التي تفعل ما تريد وقتما تريد، أن تنشر الوعي بضرورة التبرع بالأعضاء وتقديم آليات لضمان عدم خلق سوق سوداء لهذه الأعضاء، وبما أن المفتين لديهم من الميزان الكثير، فليزيدوا فتوة أخرى إلى كم الفتاوى الكثيرة التي يخرجونها على حسب المقاس وليجمعوا على جوازه ويشجّعوا الناس عليه. ولو كان هؤلاء الناس في عقولهم بحق، لما لجؤوا إليهم أصلا، ألا يقول الله في الآية 32 من سورة المائدة "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"، وأيضا في الكتاب المقدس متّى الاصحاح 25 الأعداد من 35 إلى 46. "لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ. «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي. حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضًا قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا أَوْ عَطْشَانًا أَوْ غَرِيبًا أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ فَيُجِيبُهُمْ قِائِلًا: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»." .

متى ستنتشر الانسانية بين العرب ؟