لندخل في صلب الموضوع مباشرة، ولنتحدث بصراحة عمّا يسميه الناس بالعاهرات. العاهرة ليست سوى امرأة أو رجل تمارس أو يمارس الدعارة لكسب المال أكثر منه لسبب آخر. والدعارة ليست تدعو أكثر من كونها تجارة، فهناك من يتاجر بالبطاطا والطماطم، وهناك من يتاجر بأعضائه التناسليّة.

ممارسة الدعارة باتت شيئا مألوفا في معظم دول الكوكب، بينما أصبح هذا العالم أصغر وأكثر تنظيما في الدول المتقدمة بعدما كان فوضويّا خاصة في فرنسا العصور الوسطى. وفي النمسا، تعدّ الدعارة قانونيّة، وهذا يسمح بتنظيم إداري وصحي وتجنّب كل ما قد ينجم من أمراض أو جرائم بسبب الفوضى، وكذلك في تركيا أين تحصل العاملات في سلك الدعارة على بطاقة خاصة تحصلن بها على رعاية صحيّة مستمرة كما أن الدعارة قانونيّة أيضا في تونس.

لكن كيف ينظر العربي خاصة والعالم عامة إلى العاهرة ؟.

إن أراد أحد سبّك فيقول لك يا عاهرة، فتستشيط غضبا. إنما ما يجعل من الاسم مهما هو المعنى الذي يحمله، وليس قول أنت عاهرة فهذا يعني أنك سيء، إنما تمّ تمنيط المعنى، وجعله كذلك واستعماله في السب وحده خير دليل.

لكن هل كونك عاهرة يعني بأنك أقل شئنا من الآخر ؟.

ما الذي يفصل بين البشر الجيّد والسيّء، الأفعال في الأصل هي التي تفصل فيها، وهي نسبيّة، تختلف باختلاف وجهة النظر، لكن لماذا يُنقص من قدر العاهرة ويُنظر إليها بازدراء في وضح النهار، وبشهوة حيوانيّة في الليل أو خلف شاشة الهاتف أو الحاسوب ؟.

لنبدأ بالعلماني، الذي لا يحمل خلفيّة دينيّة أو عرفيّة (عربيّا كان أو أعجمي). إن وجد هذا العلماني الذي ينظر إلى العاهرة بهذه الطريقة فلأنه مثله مثل معظم البشر الآخرين، يحتقرون من هو أدنى منهم. وحتى في العلاقة الحميمية، تكون المرأة هي المتلقي وهي الخاضعة لنزوة الرجل الحيوانية ولعنفه أثناء الجماع. تلك الصورة التي روّجت لها الأفلام الإباحيّة طبعت في ذهن الناس أن المرأة أدنى شئنا من الرجل خاصة وأنها لا تقدر على فعل شيء من دونهم أثناء العلاقة الجنسيّة (حسبهم). وإن هي خرجت إلى الشارع تغويهم فهي كمن يدعوك لشراء خضره الطازجة المُنافسة مقابل المال، وهي تدعوك إلى ملامسة أعضائها الحميمية المُنافسة مقابل المال. فينظر إليها باعجاب وتنمحي من الذهن صورة المرء الأقل شئنا. فتكون بعد دقائق في الطابق السفلي وهو يؤمن بكل ما فيه أن له الحق في معاملتها بقسوة وحيوانيّة فقط لأنه وفي ذهنه، يفكر في أنها بحاجة إليه وإلى نقوده. نفسه نفس المشتري من أي محل. متغطرس ومطبّق الجبين ومتطلّب لأنه يعلم بأن البائع بحاجة إلى ماله وأنه سيعمل المستحيل لخروجه مشتريا شيئا من عنده.

نظرة "أنت تحتاج إلي إذن أنا سأمسح بك الأرض قبل أن أعطيك ما تحتاج إليه"، زائد نظرة التعالي من الذكر نحو الأنثى، رسم تلك الصورة النمطيّة الطويلة الأمد في ذهن الرجل. والأمر هنا ينطبق على الرجل الممارس للدعارة، حرفا حرفا، زائد " أنا أرجل منك إذن أنا أفضل منك" (حسبهم) هكذا يفكرون وهكذا يفعلون.

العربي الذي هو مرتبط بالأعراف والتقاليد والدين بشكل خاص. تعدّ الدعارة في البلدان العربيّة مصدر رزق للكثير، كما في البلدان الأخرى، ولن أطيل الحديث هنا وأقول أن العربي (ليس الكل) يزيد على العلماني (ليس الكل) بشيء، وهو لعن العاهرات بكل آيات الإله الموجودة في جعبهم صباحا، ليذهبو بعد ذلك إلى مضاجعتهم/ هنّ "مجانا" خلف الحاسوب ليلا ثم سب من يكتب مقالا كهذا مساءا، ثم غلق صفحة حسوب I/O وفتح نافذة "كروم خاص" والدخول إلى المواقع الإباحيّة وإخراج لسانه وذكره في حلقة تناقض دائم أبدي.